للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأنفق على نفسه ثم أحال بالدين على مَنْ تلزمه نفقته لزمه أن يقوم له به؛ لأنه أحال على مَنْ له عليه حق، ولا يُقال: قد سقطت بمضي الزمان فلم تصادف الحوالة محلًا؛ لأنها إنما تسقط بمضي الزمان إذا لم يكن المنفَقُ عليه قد استدان على المنفِقِ، بل تبَّرع له غيره أو تكلف أو صبر، فأما إذا استدان عليه بقدر نفقته الواجبة عليه فهنا لا وَجْهَ لسقوطها، وإن كان الأصحاب وغيرهم قد أطلقوا السقوط فتعليلهم يدل على ما قلناه، فتأمله.

[[حيلة في جواز بيع الماء]]

المثال الثامن (١) والثلاثون: إذا استنبط في ملكه أو أرض استأجرها عينَ ماء مَلكَه ولم يملك بيعه لمن [يسوقه إلى] (٢) أرضه أو [يسقي به] (٣) بهائِمَه، بل يكون أولى به من كل أحد، وما فَضَلَ [منه] (٣) لزمه بَذلُه لبهائم غيره وزرعه، فالحيلة (٤) على جواز المعاوضة أن يبيعه نصف العين أو ثلثها أو يؤخره ذلك، فيكون الماء بينه وبينه على حسب ذلك، ويدخل الماء تبعًا لملك العين أو منفعتها، ولا تدخل هذه الحيلة تحت النهي عن بيع الماء (٥)، فإنه لم يبعه، وإنما باع العين، ودخل الماء تبعًا، والشيء قد يستتبع ما لا يجوز أن يُفرد وحده.

[[حيلة في عدم تسويغ بيع المشتري إلا لمن باعه]]

المئال التاسع (٦) والثلاثون: إذا باعَ عبدَه من رجل وله غَرضٌ أن لا يكون إلا عنده أو عند بائعه، فالحيلة في ذلك أن يشهد عليه أنه إن باعه فهو أحق به بالثمن، وهذا (٧) يجوز على نص أحمد، وهو قول عبد اللَّه بن مسعود (٨)، ولا محذور في ذلك، وقول المانعين: "إنه يخالف مقتضى العقد" فنعم يخالف مقتضى


(١) في (ك): "السادس".
(٢) في (ق): "يسق به".
(٣) ما بين المعقوفتين سقط من (ق).
(٤) في (ك) و (ق): "الحيلة".
(٥) حديث النهي عن بيع الماء رواه مسلم (١٥٦٥) بعد (٣٥) في المساقاة: باب تحريم بيع فضل الماء عن أبي الزبير أنه سمع جابر بن عبد اللَّه يقول: نهى رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عن بيع ضِرَاب الجَمَل وعن بيع الماء والأرض لتحرث وفي صحيح البخاري (٢٣٥٣) و (٢٣٥٤) في الحرث والمزارعة ومسلم (١٥٦٦) عن أبي هريرة أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "لا يُمنع فضل الماء ليمنع به الكلأ".
(٦) في (ك): "السابع".
(٧) في (ك) و (ق): "فهذا".
(٨) سيأتي لفظه وتخريجه عنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>