للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في المسجد الذي وقفه، ويشرب من السِّقاية التي وقفها، ويُدفن في المقبرة التي سَبَّلها، ويمر (١) في الطريق التي فتحها، وينتفع بالكتاب الذي وقفه، ويجلس على البساط والحصير اللذين وقفهما، وأمثال ذلك، فإذا جاز للواقف أن يكون موقوفًا عليه في الجهة العامة جاز مثله في الجهة الخاصة؛ لاتفاقهما في المعنى، بل الجواز هنا أولى من حيث إنه موقوف عليه بالتعيين، وهناك دَخَلَ في الوقف بشمول الاسم له.

وتقليد هذا القول خير [له] (٢) من الحيلة الباردة التي يملِّك الرجل فيها ماله لمن لا تطيب له نفسه أن يعطيه درهمًا ثم يقفه (٣) ذلك المملَّك على المملِّك؛ فإن هذه الحيلة تضمنت أمرين:

أحدهما: لا حقيقة له، وهو انتقال الملك إلى المملِّك.

والثاني: اشتراطه عليه أن يقف على هذا الوجه، أو إذنه له فيه (٤)، وهذا في المعنى توكيل [له] (٥) في الوقف، كما أن اشتراطه حَجْر عليه في التصرف بغير الوقف؛ فصار وجود هذا التمليك وعدمه سواء لم يملكه المملَّك ولا يمكنه [وجود] (٥) التصرف فيه، ولو مات قبل وقفه لم يحل لورثته أخذه، ولو أنه أخذه ولم يقفه على صاحبه ولم يرده إليه عُدَّ ظالمًا غاصبًا (٦)، ولو تصرف فيه صاحبه بعد هذا التمليك لكان تصرفه فيه نافذًا كنفوذه قبله، هذا فيما (٧) بينه وبين اللَّه


= و"زوائد فضائل الصحابة" (٨٢٧)، والترمذي (٣٧٠٣) في "المناقب": باب في مناقب عثمان، والنسائي (٦/ ٤٦ - ٤٧) في "الجهاد": باب فضل من جهز غازيًا و (٦/ ٢٣٥، ٢٣٦) في "الأحباس": باب وقف المساجد، وابن أبي عاصم في "السنة" (١٣٠٣، ١٣٠٥، ١٣٠٦)، وابن خزيمة (٢٤٩٢)، والطحاوي في "مشكل الآثار" (٥٠١٩)، والدارقطني (٤/ ١٩٦)، وأبو الشيخ في "طبقات أصبهان" (٢/ ٢٣٧ - ٢٣٨)، وأبو نعيم في "أخبار أصبهان" (٢/ ١٨٨)، والبيهقي (٦/ ١٦٨)، وابن عساكر (٢٣٩ - ترجمة عثمان) من طرق، وهو حسن.
وانظر: "علل الدارقطني" (٣/ ١٦، ١٧)، "الغرائب" (١/ ١٧٣ - أطرافه) و"المجالسة" (رقم ٢٤٠ - بتحقيقي)، وتعليقي على "سنن الدارقطني" (رقم ٤٣٤٧، ٤٣٤٨).
(١) في المطبوع: "أو يمر. . .".
(٢) ما بين المعقوفتين من (ق) فقط.
(٣) في (ق): "يوقفه".
(٤) في (ن) و (ق): "وأذن له فيه".
(٥) ما بين المعقوفتين سقط من (ن) و (ك) و (ق).
(٦) "في نسخة: عاصيًا" (د).
قلت: هي هكذا في: (ن) و (ق).
(٧) سقط من (ق) و (ك).

<<  <  ج: ص:  >  >>