للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كان هذا ملكي فقد بعتك إياه" فهل يقول أحد: إن هذا بيع معلق بشرط فلا يصح؟ وكذلك إذا قال: "إن كانت هذه امرأتي فهي طالق" لا يقول أحد: إنه طلاق معلق، ونظائره أكثر من أن تذكر، وقد شرع اللَّه سبحانه لعباده التعليق بالشروط في كل موضع يحتاج إليه العبد، حتى بينه وبين ربه كما قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لضباعة بنت الزبير وقد شَكَتْ إليه وقت الإحرام، فقال: "حُجِّي واشترطي على ربك فقولي: إن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني فإن لك ما اشترطت على ربك" (١) فهذا شرط مع اللَّه في العبادة، وقد شرعه على لسان رسوله لحاجة الأمة إليه، ويفيد شيئين: جواز التحلل (٢)، وسقوط الهَدْي، وكذلك الداعي بالخيرة يشترط على ربه في دعائه، فيقول: اللهم إن كان هذا الأمر خيرًا لي في ديني ومَعَاشي وعاقبة أمري [عاجله وآجله] (٣) فاقْدُرْهُ لي ويسره لي (٤)، فيعلق طلب الإجابة بالشرط لحاجته إلى ذلك لخفاء المصلحة عليه. وكذلك النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- اشترط على ربه أيما رجل سَبَّهُ أو لعنه وليس لذلك بأهل أن يجعلها كفارة له وقربة يقربه بها إليه (٥)، وهذا تعليق للمدعو به بشرط الاستحقاق. وكذلك المصلِّي على الميت شرع له تعليق الدعاء بالشرط، فيقول: اللهم أنت أعلم بسره وعلانيته، وإن كان محسنًا فتقبل حسناته، وإن كان مسيئًا فتجاوز عن سيئاته (٦)؛ فهذا طلب للتجاوز عنه


(١) أخرجه البخاري (٥٠٨٩) في "النكاح": باب الإكفاء في الدين، ومسلم (١٢٠٧) في "الحج": باب جواز اشتراط المحرم التحلل، من حديث عائشة.
ورواه مسلم (١٢٠٨) من حديث ابن عباس.
(٢) في (ن): "جواز التحليل"!
(٣) ما بين المعقوفتين سقط من (ن) و (ك).
(٤) هو جزء من حديث الاستخارة، أخرجه البخاري (٦٣٨٢) "كتاب الدعوات": باب الدعاء عند الاستخارة وطرفاه في (١١٦٢، ٧٣٩٠).
(٥) ورد هذا من حديث عدد من الصحابة: منها حديث أبي هريرة: رواه البخاري (٦٣٦١) في (الدعوات): باب قول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من آذيته فاجعله له زكاة ورحمة"، ومسلم (٢٦٠١) بعد (٨٩) و (٩٠) في (البر والصلة): باب من لعنه النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أو سبّه. . .
ومن حديث عائشة: رواه مسلم (٢٦٠٠)، ومن حديث جابر رواه مسلم أيضًا (٢٦٠٢)، ومن حديث أنس رواه مسلم (٢٦٠٣)، وفي (ك): "تقربها إليه".
(٦) رواه أحمد في "مسنده" (٢/ ٢٥٦ و ٣٤٥ و ٣٦٣ و ٤٥٩)، وأبو داود (٣٢٠٠) في (الجنائز): باب الدعاء للميت وابن أبي شيبة (٣/ ٢٩٢ و ١٠/ ٤١٠)، والنسائي في "عمل اليوم والليلة" (١٠٧٦ و ١٠٧٨)، والطبراني في "الدعاء" (١١٧٨ و ١١٧٩ و ١١٨٠ و ١١٨٢ - ١١٨٥)، والبيهقي في "الكبرى" (٤/ ٤٢)، وقد وقع في إسناده اضطراب لكن قال =

<<  <  ج: ص:  >  >>