للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خالف حكم اللَّه وكتابه، بل الشروط (١) في حقوق العباد أوْسَعُ من النذر في حق اللَّه، والالتزام به أوفى (٢) من الالتزام بالنذر.

وإنما بسطتُ (٣) القولَ في هذا لأن باب الشروط يدفع حيل أكثر المتحيلين، ويجعل للرجل مخرجًا مما يخاف منه ومما يضيق عليه؛ فالشرط الجائز بمنزلة العقد، بل هو عقد وعهد، وقد قال اللَّه تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} [المائدة: ١] وقال: {وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا} [البقرة: ١٧٧].

[[الشرط الباطل والشرط الحق]]

وهاهنا قضيتان كليتان من قضايا الشرع الذي بعث اللَّه سبحانه به [رسوله] (٤):

إحداهما: أن كل شرط خالف حكم اللَّه وناقض كتابه فهو باطل كائنًا ما كان.

والثانية: أن كل شرط لا يخالف حكمه ولا يناقض كتابه -وهو ما يجوز بذله (٥) وفعله بدون الشرط- فهو لازم بالشرط، ولا يستثنى من هاتين القضيتين شيء، وقد دل عليهما كتاب اللَّه عز وجل وسنة رسوله -صلى اللَّه عليه وسلم- واتفاق الصحابة رضي اللَّه عنهم، ولا تعبأ بالنقض بالمسائل المذهبية والأقوال الآرائية [فإنها لا تهدم] (٦) قاعدة من قواعد الشرع؛ فالشروط في حق المكلفين كالنذر في حقوق رب العالمين، فكل طاعة جاز فعلها قبل النذر لزمت (٧) بالنذر، وكذلك كل شرط قد جاز بَذْله بدون الاشتراط لزم بالشرط، فمقاطع الحقوق عند الشروط. وإذا كان من علامات النفاق إخلاف الوعد وليس بمشروط فكيف الوعد المؤكد بالشرط؟ بل تَرْكُ الوفاء بالشرط يدخل في الكذب والخلف والخيانة والغدر، وباللَّه التوفيق.

[[حيلة لمن خاف رد جارية معيبة باعها]]

المثال الثائي والستون (٨): إذا باعه جاريةً مَعِييةً وخاف [من] (٩) ردها عليه


(١) في (ك) و (ق): "الشرط".
(٢) في (ن) و (ك) و (ق): "أوسع".
(٣) في (ك) و (ق): "بسط".
(٤) بدل ما بين المعقوفتين في (ق): "محمدًا -صلى اللَّه عليه وسلم-".
(٥) كذا في (ن) و (ق)، وفي النسخ الأخرى: "تركه".
(٦) في (ق) و (ك): "فإنه لا يهدم".
(٧) في (ك): "لزمته".
(٨) في (ق) و (ك): "المثال الستون".
(٩) ما بين المعقوفتين من (ق) فقط.

<<  <  ج: ص:  >  >>