للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى نَوْبة الشريك، وقد تتوى (١)، والدين في الذمة (٢) يقوم مقام العين، ولهذا تصح المعاوضة عليه من الغريم وغيره، وتجب على صاحبه زكاته إذا تمكَّن من قبضه، ويجب عليه الإنفاق على أهله وولده ورقيقه منه، ولا يُعدّ فقيرًا معدمًا، فاقتسامه يجري مجرى اقتسام الأعيان والمنافع، فإذا رضي كل من الشريكين أن يختص بما يخصه من الدين فينفرد هذا برجل يطالبه وهذا برجل يطالبه، أو ينفرد هذا بالمطالبة بحصته وهذا بالمطالبة بحصته، لم يهدما بذلك قاعدة من قواعد الشريعة، ولا استحلا (٣) ما حرَّم اللَّه، ولا خالفا (٤) نص كتاب اللَّه ولا سنة رسوله ولا قول صاحب ولا قياسًا (٥) شهد له الشرع بالاعتبار، وغاية ما يقدر (٦) عدم تكافؤ الذمم ووقوع التفاوت فيها، وأنَّ (٧) ما في الذمة لم يتعيَّن فلا يمكن قسمته، وهذا لا يمنع تراضيهما بالقسمة مع التفاوت، فإن الحق لا يعدوهما، وعدم تعين ما في الذمة لا يمنع القسمة فإنه يتعين تقديرًا، ويكفي في إمكان (٨) القسمة التعين بوجه، فهو معين تقديرًا ويتعين بالقبض تحقيقًا، وأما قول أبي الوفاء ابن عقيل: "لا تختلف الرواية عن أحمد في جواز (٩) قسمة الدَّين في الذمة الواحدة، واختلفت الرواية [عنه] (١٠) في جواز قسمته إذا كان في الذمتين، فعنه [فيه] (١٠) روايتان"، فليس كذلك، بل عنه في كل من الصورتين روايتان، وليس في أصوله ما يمنع جواز القسمة، كما ليس في أصول الشريعة ما يمنعها، وعلى هذا فلا يحتاج إلى حيلة على الجواز، وأما من منع من القسمة فقد تشتد الحاجة إليها، فيحتاج إلى التحيّل عليها، فالحيلة أن يأذن لشريكه أن يقبض من الغريم ما يخصه، فإذا فعل لم يكن لشريكه أن يخاصمه (١١) فيه بعد الإذن، على الصحيح من المذهب


(١) "توى يتوى: هلك يهلك، وبابه علم يعلم، مثل: رضي يرضى" (د).
قلت: انظر: "لسان العرب" لابن منظور (١٤/ ١٠٥،- ط دار الفكر)، وفي (ق): "تتولى"!!
(٢) في (ق): "ذمة".
(٣) في (ق): "استحلال".
(٤) في (ق): "ألغى".
(٥) في (ق): "قياس".
(٦) في (ن) و (ق): "ما يصدر".
(٧) في (ن) و (ق): "ولأن".
(٨) في (ن): "إنكار".
(٩) في المطبوع: "في عدم جواز"، وفي هامش (ق): "لعله في عدم جواز".
(١٠) سقط من (ق).
(١١) في (ن): "لم يكن لشربكه مخاصمة"، وفي (ك) و (ق): "لم يكن لشريكه محاصته".

<<  <  ج: ص:  >  >>