للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في حل، كان مت قبلك فأنت في حل" صح وبرئ في الصورتين، فإنَّ إحداهما وصية والأخرى إبراء معلق بالشرط، ويصح تعليق الإبراء بالشرط؛ لأنه إسقاط، كما يصح تعليق العتق والطلاق، وقد نص (١) الإمام أحمد رحمه اللَّه في الإحلال من العرض والمال مثله.

وقال أصحابنا وأصحاب الشافعي: إذا قال: "إن مت قبلك فأنت في حل" هو إبراء صحيح لأنه وصية، كان قال: "إن مت قبلي فأنت في حل" لم يصح، لأنه تعليق للإبراء بالشرط، ولم يقيموا شبهة فضلًا عن دليل صحيح على امتناع تعليق الإبراء بالشرط، ولا يدفعه نص ولا قياس ولا قول صاحب، فالصواب صحة الإبراء في الموضعين، وعلى هذا فلا يحتاج إلى حيلة.

فإن بلي بمن يقول: هكذا في الكتاب، وهكذا قالوا؛ فالحيلة أن يشهد عليه أن لا يستحق عليه شيئًا (٢) بعد موته من هذا الدَّين ولا في تركته، وإن [شاء] (٣) كتب الفصلين في سجل واحد، وضمَّنه الوصية له به إن مات رب الدين، وإن مات المدين فلا (٤) حق له به قبله، فيصح حينئذ مستندًا إلى ظاهر الإقرار، وهو إبراء في المعنى واللَّه سبحانه أعلم (٥).

[[استدراك الأمين لما غلط فيه]]

المثال الثاني والسبعون (٦): لو غَلِط المضارب أو الشريك وقال: "ربحت ألفًا" ثم أراد الرجوع لم يقبل منه؛ لأنه إنكار بعد إقرار، ولو أقام بينة على الغلط فالصحيح أنها تُقبل، وقيل: لا تقبل؛ لأنه مكذب لها؛ فالحيلة في استدراكه ما غلط فيه بحيث تقبل منه أن يقول: خسرتها بعد أن ربحتها، فالقول قوله في ذلك، ولا يلزمه الألف، وهكذا الحيلة في استدراك كل أمين لظلامته كالمودع إذا ردَّ الوديعة التي دفعت إليه ببيِّنة ولم يشهد على ردها، فهل يقبل قوله في الرد؟ فيه


(١) في المطبوع و (ك) و (ق): "وقد نص عليه".
(٢) في (ك): "شيء".
(٣) ما بين المعقوفتين سقط من (ك).
(٤) في (ك): "ولا".
(٥) انظر: "إغاثة اللهفان" (٢/ ١٦)، و"بدائع الفوائد" (٤/ ٧٩)، و"أحكام أهل الذمة" (١/ ٣٨٥).
هنا انتهى المجلد الثاني من (ق) وكتب بعده: "يتلوه في الثالث: "المثال السبعون".
(٦) في (ك) و (ق): "المثال السبعون".

<<  <  ج: ص:  >  >>