للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال (١): أما جواز الصلح من ألف على مئة (٢) فالوجه فيه أن التسع مئة لا يستفيدها بعقد الصلح وإنما استفادها بعقد المداينة وهو العقد السابق؛ فعلم أنها ليست مأخوذة على وجه المعاوضة (٣)، وإنما هي على طريق الإبراء عن بعض حقه، قال: ويفارق هذا إذا كانت له ألف مؤجلة فصالحه على تسع مئة حالة أنه لا يجوز؛ لأنه استفاد هذه التسع مئة بعقد الصلح؛ لأنه لم يكن مالكًا لها (٤) حالَّة، وإنما كان يملكها مؤجلة، فلهذا لم يصح.

وأما جوازه على الشرط المذكور -وهو أنه إنْ لم يفعل فعليه مئتان- فلأن المصالح إنما علَّق فسخَ البراءة بالشرط، والفسخ يجوز تعليقه بالشرط وإن لم يجز تعليق البراءة بالشرط، ألا ترى أنه لو قال: "أبيعك هذا الثوب بشرط أن تنقدني الثمنَ اليوم، فإن لم تنقدني الثمن اليوم فلا بيعَ بيننا" [أنه] (٥) إذا لم ينقد الثمن في يومه انفسخ العقد بينهما، كذلك هاهنا، ومَنْ لم يُجِز (٦) ذلك يقول: هذا تعليق براءة المال بالشرط، وذلك لا يجوز، قال: والوجه في جواز هذا الصلح على مذهب الجميع أن يعجل (٧) رب المال حطَّ ثمان مئة يحطّها على كل حال، ثم يصالح المطلوب من المئتين الباقيتين على مئة يؤديها إليه في شهر كذا على أنه إنْ أخَّرها عن هذا الوقت فلا صلح بينهما، فإذا فعل هذا فقد استوثق في قول الجميع؛ لأنه متى صالحه على مئتين و [قد] (٨) حطَّ عنه الباقي يصير كأنه لم يكن عليه من الدَّين إلا مئتا درهم، ثم صالحه عن (٩) المئتين الباقيتين على مئة يؤدّيها إليه في شهر كذا، فإنْ أخَّرها فلا صلح بينهما، فيكون [على] (١٠) قول الجميع فسخ العقد معلّقًا بترك النقد، وذلك جائز على ما بينّاه في البيع.

فإن أراد أن يكاتب عبده على ألف درهم يؤديها إليه في سنتين فإن لم يفعل فعليه ألف أخرى، فهي كتابة (١١) فاسدة؛ لأنه علَّق إيجاب المال بخطر، وتعليق


(١) في (ق): "قالوا"، وقال في الهامش: لعله: "قال".
(٢) في (ق): "من ألف إلى مئة".
(٣) في (ق) وفي سائر النسخ: "المعارضة".
وانظر: "عقد الصلح في الشريعة الإسلامية" (٥٨ - فما بعد) للدكتور نزيه حماد.
(٤) (في): "لم يكن مالكها".
(٥) ما بين المعقوفتين من (ق) فقط.
(٦) (في) و (ك): "ومن لم يجوز".
(٧) في (ك): "يجعل".
(٨) ما بين المعقوفتين سقط من (ك).
(٩) في (ك) و (ق): "من".
(١٠) ما بين المعقوفتين سقط من (ق)، وقال في الهامش: لعلها: "في".
(١١) في (ك): "كتابته".

<<  <  ج: ص:  >  >>