للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ثلاث، والشارع لم يمنع من الزيادة على الثلاثة، ولم يجعلها حدًا فاصلًا بين ما يجوز من المدة وما لا يجوز، وإنما ذكرها في حديث حَبَّان بن منقذ (١) وجعلها له بمجرد البيع كان لم يشترطه (٢)؛ لأنه كان يُغلب في البيوع، فجعل له ثلاثًا في كل سلعة يشتريها، سواء شرط ذلك أو لم يشترطه (٣)، هذا ظاهر الحديث، فلم يتعرض للمنع من الزيادة على الثلاثة (٤) بوجه من الوجوه، فإن أراد الجواز على قول الجميع، فالمخرج أن يشترط الخيار ثلاثًا، فإذا قارب انقضاء الأجل فسخه ثم اشترط ثلاثًا، وهكذا حتى تنقضي المدة التي اتفقا عليها، وليست هذه الحيلة محرَّمة؛ لأنها لا تدخل في باطل، ولا تخرج من حق، وهذا بخلاف الحيلة على إيجار الوقف مئة سنة وقد شرط الواقف أن لا يؤخِّر أكثر من سنة واحدة فيتحيل (٥) على إيجاره أكثر منها بعقود متفرقة في ساعة واحدة كما تقدَّم.

[[حيل في الرهن]]

المثال الثالث (٦) والتسعون: إذا أراد أن يقرض رجلًا (٧) مالًا ويأخذ منه (٨) رهنًا، فخاف أن يهلك الرهن فيسقط من دينه بقدره عند حاكم يرى ذلك، فالمخرج له أن يشتري العين التي يريد ارتهانها بالمال الذي يقرضه، ويشهد عليه أنه لم يقبضه، فإن وثق بكونه عند البائع تركه عنده، فإن تلف تلف من ضمانه، وإن بقي تمكن من أخذه منه متى شاء، كان رد عليه المال أقاله البائع.

وأحسن من هذه الحيلة أن يستودع العين قبل القرض، ثم يقرضه وهي عنده، فهي في الظاهر وديعة، وفي الباطن رهن، فإن تلفت لم يسقط بهلاكها شيء من حقه.

فإن خاف الراهن أنه إذا وفاه حقه لم يقله البيع فالمخرج [له] (٩) أن يشترط عليه الخيار إلى المدة التي يعلم أنه يوفيه فيها على قول أبي يوسف ومحمد ومالك وأحمد.

فإن خاف المرتهن أن يستحق الرهن أو بعضه فالمخرج له أن يضمن درك


(١) سبق تخريجه.
(٢) في (ك): "يشرطها" وفي (ق): "يشترطها".
(٣) في (ك): "يشرطه".
(٤) في (ك) و (ق): "الثلاث".
(٥) في المطبوع: "فتحيل".
(٦) في (ك) و (ق): "الحادي".
(٧) في (ك): "الرجل".
(٨) في (ك): "به".
(٩) سقط من (ق).

<<  <  ج: ص:  >  >>