للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يشترط عليه رهن العين المستأجرة على أجرتها، فيقول: رهنتُك هذا الثَّوبَ على أجرته، وهي كذا وكذا، وهكذا في المبيع يشترط على المشتري رهنه على ثمنه حتى يسلمه إليه، ولا محذور في ذلك أصلًا، ولا معنى، ولا مأخذ قوي يمنع صحة هذا الشرط والرهن، وقد اتفقوا أنه لو شرط عليه رهن عين أخرى على الثمن جاز، فما الذي يمنع جواز رهن المبيع على ثمنه؟ ولا فرق بين أن يقبضه أو لا يقبضه على أصح القولين، وقد نص الإمام أحمد على جواز اشتراط رهن المبيع على ثمنه، وهو الصواب ومقتضى قواعد الشرع وأصوله، وقال القاضي وأصحابه: لا يصح، وعلّله ابن عقيل بأن المشتري رهن ما لا يملك، فلم يصح، كما لو شرط أن يرهنه عبدًا لغيره يشتريه ويرهنه، وهذا تعليل باطل، فإنه إنما حصل الرهن بعد ملكه، واشتراطه قبل الملك لا يكون بمنزلة رهن الملك.

والفرق بين هذه المسألة وبين اشتراط (١) رهن عبد زيد أن اشتراط [رهن عبد زيد غرر] (٢) قد يمكن وقد لا يمكن، بخلاف اشتراط رهن المبيع على ثمنه، فإنه إن تم العقد صار المبيع رهنًا، وإن لم يتم تبيَّنا أنه لا ثمن يحبس عليه الرهن، فلا غرر البتة، فالمنصوص أفقه وأصح، وهذا على أصل مَنْ يقول: "للبائع حبس المبيع على ثمنه" ألزمُ، وهو مذهب مالك وأبي حنيفة وأحد قولي الشافعي وبعض أصحاب أحمد (٣)، وهو الصحيح وإن كان خلاف منصوص أحمد؛ لأن عقد البيع (٤) يقتضي استوائهما (٥) في [التسلم] (٦) والتسليم، ففي إجبار البائع على التسليم قبل حضور الثمن وتمكينه من قبضه إضرار به، فإذا [كان] (٧) ملك حبسه على ثمنه (٨) من غير شرط فلأن يملكه مع الشرط أولى [وأحرى] (٦)، فقول القاضي وأصحابه مخالف لنص أحمد وللقياس (٩)، [فإن شرط أن يقبض المشتري المبيع ثم يرهنه على ثمنه عند بائعه فأولى بالصحة.


(١) في (ق): "شرط".
(٢) ما بين المعقوفتين سقط من (ق)، وما قبلها فيها: "أن اشتراطه"، وبعدها في (ك): "فلا" بدل "قد".
(٣) في المطبوع: "أصحاب الإمام أحمد".
(٤) في (ك): "المبيع".
(٥) قال: (د)، و (ط): "في نسخة: "لأنه عقد يقتضي استواءهما. . . إلخ"، وزاد (ط): انظر: "إعلام الموقعين" (ط فرج اللَّه زكي الكردي) (٣/ ٢٢٢).
(٦) ما بين المعقوفتين سقط من (ق).
(٧) ما بين المعقوفتين سقط من (ق) و (ك).
(٨) في (ق): "الثمن".
(٩) في المطبوع و (ك): "والقياس".

<<  <  ج: ص:  >  >>