للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[من قال: إن شاء اللَّه وهو لا يعلم معناها]

وعلى هذا فإذا قال: "إن شاء اللَّه"، وهو لا يعلم معناها أصلًا، فهل ينفعه هذا الاستثناء؟ قال أصحاب أبي حنيفة: إذا قال: "أنت طالق إن شاء اللَّه"، ولا يدري أي شيء "إن شاء اللَّه" لا يقع [الطلاق] (١)، قالوا: لأن الطلاق مع الاستثناء ليس بإيقاع، فعلمه وجهله سواء، قالوا: ولهذا لما كان سكوت البكر رضا استوى فيه العلم والجهل، حتى لو زوَّجها أبوها فسكتت وهي لا تعلم أن السكوت رضا صح النكاح، ولم يُعتبر جهلها.

ثم قالوا: فلو قال (٢) لها: "أنت طالق" فجرى على لسانه من غير قصد: "إن شاء اللَّه"، وكان قصده إيقاع الطلاق لم يقع الطلاق؛ لأن الاستثناء قد وجد حقيقة، والكلام مع الاستثناء لا يكون إيقاعًا، وهذا القول في طرف وقول من يشترط نية الاستثناء في أول الكلام أو قبل الفراغ منه في طرف آخر، وبينهما أكثر من بعد المشرقين.

[حكم قوله: أنت طالق إن لم يشأ اللَّه، أو ما لم يشأ اللَّه]

لو (٣) قال: "أنت طالق إن لم يشأ اللَّه (٤)، أو ما لم يشأ اللَّه" فهل يقع الطلاق في الحال أو لا يقع؟ على قولين، وهما وجهان في مذهب أحمد:

• فمن أوقعه احتج بأن كلامه تضمن أمرين: محالًا، وممكنًا، فالممكن التطليق (٥)، والمحال وقوعه على هذه الصفة، وهو إذا لم يشأه اللَّه (٦)، فإن ما شاء اللَّه وجب وقوعه، فيلغو هذا التقييد المستحيل، ويسلم أصل الطلاق فينفذ.

• الوجه (٧) الثاني: لا يقع، ولهذا القول مأخذان:

أحدهما: أن تعليق الطلاق على الشرط المحال يمنع من وقوعه، كما لو قال: "أنت طالق إن جمعت بين الضدين" أو "إن شربت ماء الكوز"، ولا ماء فيه لعدم وقوع شرطه، فهكذا إذا قال: "أنت طالق إن لم يشأ اللَّه" فهو (٨) تعليق للطلاق على شرط مستحيل، وهو عدم مشيئة اللَّه، فلو طلقت لطلقت بمشيئته، وشرط وقوع الطلاق عدم مشيئته.


(١) ما بين المعقوفتين سقط من (ط).
(٢) في (ق): "ولو قال".
(٣) في (ق) و (ك): "فلو".
(٤) في (ك): "إن شاء اللَّه".
(٥) في (ق): "النطق".
(٦) في المطبوع و (ك): "إذا لم يشأ اللَّه".
(٧) في (ك): "والوجه".
(٨) في (ك): "هو".

<<  <  ج: ص:  >  >>