للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمأخذ الثاني -وهو أفقه- أنه استثناء في المعنى، وتعليق على المشيئة، والمعنى إن لم يشأ اللَّه عدم طلاقك، فهو كقوله: "إلا أن يشأ اللَّه" سواء كما تقدم بيانه.

[فصل [رأي من قال: إن الاستثناء في الطلاق لا يفيد]]

قال الموقِعُون: قال إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني: حدثنا خالد [بن يزيد] (١) بن أسد القسري: ثنا جُميع بن عبد الحميد الجعفي، عن عطية العوفي، عن أبي سعيد الخدري وابن عمر -رضي اللَّه عنهما- قالا: كنَّا معاشر أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- نرى الاستثناء جائزًا في كل شيء إلا في الطلاق والعتاق (٢)، قالوا: وروى أبو حفص ابن شاهين بإسناده عن ابن عباس -رضي اللَّه عنه- قال: إذا قال الرجل لامرأته: "أنت طالق إن شاء اللَّه" فهي طالق (٣)، [وكذلك روى عن أبي بردة، قالوا: ولأنه استثناء يرفع جملة الطلاق فلم يصح، كقوله: "أنت طالق ثلاثًا إلا ثلاثًا"] (٤) قالوا: ولأنه إنشاء حكم في محل، فلم يرتفع بالمشيئة كالبيع والنكاح، قالوا: ولأنه إزالة ملك فلم يصح تعليقه على مشيئة اللَّه تعالى، كما لو قال: أبرأتك إن شاء اللَّه، قالوا: ولأنه تعليق على ما لا سبيل إلى العلم به، فلم يمنع وقوع الطلاق، كما لو قال: أنت طالق إن شاءت السموات والأرض، قالوا: وإن كان لنا سبيل إلى العلم بالشرط صح الطلاق لوجود شرطه، ويكون الطلاق حينئذٍ معلقًا على شرط [قد] (٥) تحقق وجوده بمباشرة الآدمي سببه، قال قتادة: قد شاء اللَّه حينئذ أن تطلق (٦)،


(١) ما بين المعقوفتين سقط من (ك).
(٢) ذكره ابن الجوزي في "التحقيق" (٢/ ٢٩٥) قبل حديث (١٧١٨ ط دار الكتب العلمية أو ٩/ ١٦٧ رقم ٢٠٧٧ - ط قلعجي) من حديث ابن عمر، ولم يذكر إسناده، ولذا قال الذهبي في "التنقيح" (٩/ ١٦٧): "قلت: أين إسناده؟! " وقد تكلم ابن القيم على إسناده بعد صفحات في معرض رده.
(٣) رواه محمد بن الحسن في "المخارج في الحيل" (ص ٥) ثنا يعقوب ثنا محمد بن عبيد اللَّه العرزمي عن عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس قال: من حلف بطلاق أو عتاق، فقال: إن شاء اللَّه، لم يقع طلاق ولا عتاق، وهذا يخالف ما نقله المصنف عنه، وسيأتي قول المصنف عن هذا الأثر: "لا يعلم حال إسناده حتى يقبل أو يرد".
(٤) ما بين المعقوفتين سقط من (ق) و (ك).
(٥) ما بين المعقوفتين من (ك) فقط.
(٦) العبارة في (ق): "قد شاء اللَّه الطلاق حين أذن أن يطلق".

<<  <  ج: ص:  >  >>