للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فقد علَّق الطلاق بما هو ممكن في ظنه فيصح تعليقه، وإذا لم يجهل استحالة العلم بالمشيئة] (١)، فقد علَّقه على محال يعلم استحالته فلا يصح [التعليق] (٢)، وهذا أحد الأقوال في تعليقه بالمحال.

قلت: وقولهم: "إن العلم بمشية الرب محال" خطأ محض، فإن [مشيئة الرب تُعْلَم بوقوع الأسباب التي تقتضي مسبباتها؛ فإن مشيئة المسبب] (٣) مشيئة لحكمه، فإذا أوقع عليها بعد ذلك طلاقًا علمنا أن اللَّه تعالى قد شاء طلاقَهَا.

فهذا تقرير (٤) الاحتجاج من الجانبين، ولا يخفى ما تضمنه من رُجحان أحد القولين، واللَّه أعلم.

[فصل [الكلام على نية الاستثناء ومتى تعتمد؟]]

وقد قدمنا اختلاف الفقهاء في اشتراط نية الاستثناء وزمنها وأن (٥) أضيق الأقوال قول من يشترط النية من أول الكلام، وأوسع منه قول من يشترطها قبل فراغه، وأوسع منه قول من يجوِّز إنشاءها بعد الفراغ من الكلام، كما يقوله أصحاب أحمد وغيرهم، وأوسع منه قول من يجوّزه بالقرب، ولا يشترط اتصاله بالكلام، كما نص عليه أحمد في رواية المروزي فقال: حديث ابن عباس -رضي اللَّه عنه- أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "واللَّه لأغزونَّ قريشًا واللَّه لأغزون قريشًا [واللَّه لأغزون قريشًا] " (٦) ثم سكت ثم قال: "إن شاء اللَّه" (٧)، إذ هو استثناء بالقُرب، ولم يخلط كلامه بغيره، وقال إسماعيل بن سعيد الشالنجي: "سألت أحمد بن حنبل عن الاستثناء في اليمين، فقال: من استثنى بعد اليمين فهو جائز، على مثل فعل النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- إذ قال: "واللَّه لأغزونَّ قريشًا" ثم سكت ثم قال: "إن شاء اللَّه"، ولم يبطل ذلك (٨)، قال: ولا أقول فيه بقول هؤلاء، يعني: مَنْ لم يَرَ ذلك إلا متصلًا" هذا لفظ الشالنجي في "مسائله"، وأوسع من ذلك قول من قال: ينفعه الاستثناء، ويصح ما دام في المجلس، نص عليه الإمام أحمد في إحدى الروايات عنه، وهو


(١) ما بين المعقوفتين سقط من (ك).
(٢) ما بين المعقوفتين سقط من (ق).
(٣) في (ق): "السبب" بدل "المسبب" وما بين المعقوفتين سقط من (ك).
(٤) في (ك): "تحرير".
(٥) في (ك): "وأنه".
(٦) ما بين المعقوفتين سقط من المطبوع و (ك).
(٧) سبق تخريجه قريبًا.
(٨) في (ق) و (ك): "ولم يطل ذلك".

<<  <  ج: ص:  >  >>