للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[تخريج مذاهب المحنثين مطلقًا والذين فرَّقوا]

والذين حنَّثوه [مطلقًا] (١) نظروا إلى صورة الفعل، وقالوا: قد وجدت المخالفة، والذين فرَّقوا قالوا: الحلف بالطلاق والعتاق من باب التعليق على الشرط، فإذا وُجد الشرط وُجد المشروط، سواء كان مختارًا لوجوده أو لم يكن، كما لو قال: "إن قَدِمَ زيدٌ فأنت طالق" ففعل (٢) المحلوف عليه في حال جنونه، فهل هو كالنائم فلا يحنث أو كالناسي فيجري فيه الخلاف؟ على وجهين في مذهب الإمام أحمد والشافعي، وأصحها (٣) أنه كالنائم؛ لأنه غير مكلَّف، ولو حلف على من يقصد منعه كعبده وزوجته وولده وأجيره، ففعل المحلوف عليه ناسيًا أو جاهلًا فهو كما لو حَلَف على فعل نفسه فَفَعَله ناسيًا أو جاهلًا، [هو] (٤) على الروايات الثلاث، و [كذلك هو] (٤) على القولين في مذهب الشافعي، فإن منعه لمن (٥) يمتنع بيمينه كمنعه لنفسه؛ فلو حلف لا يسلِّم على زيد فسلم على جماعة هو فيهم ولم يعلم فإن لم نحنِّث الناسي فهذا أولى [بعدم الحنث] (٤) لأنه لم يقصده، والناسي قد قصد التسليم عليه، وإن حنَّثنا الناسي هل (٦) يحنث هذا؟ على روايتين:

إحداهما (٧): يحنث (٨) لأنه بمنزلة الناسي؛ إذ هو جاهل بكونه معهم (٩).

والثانية: [وهي أصح -أنه لا يحنث] (١٠)، قاله أبو البركات (١١) وغيره، وهذا يدل على أن الجاهل أعذر من الناسي وأولى بعدم الحنث، وصرَّح به أصحاب الشافعي في الأيمان، ولكن تناقضوا [كلهم] (١٢) في جعل الناسي في الصوم أولى بالعذر من الجاهل، ففطَّروا الجاهل دون الناسي، وسوَّى شيخنا بينهما، وقال (١٣): الجاهل أولى بعدم الفطر [من الناسي، (فسلم) (١٤) من التناقض] (١٢)، وقد سووا بين


(١) ما بين المعقوفتين سقط من (ق).
(٢) في (ق) و (ك): "فإن فعل".
(٣) في المطبوع: "وأصحهما"، وفي (ك) و (ق): "أصحهما" دون واو.
(٤) ما بين المعقوفتين سقط من (ق).
(٥) في (ق): "من".
(٦) في (ك) و (ق): "فهل".
(٧) في (ق): "أحدها"!.
(٨) في (ك): "لا يحنث".
(٩) في (ق): "لكونه معهم".
(١٠) في (ق): "لا يحنث وهي إصح".
(١١) في "المحرر في الفقه" (٢/ ٨١).
(١٢) ما بين المعقوفتين سقط من (ق).
(١٣) انظر: "كتاب الصيام من شرح العمدة" (١/ ٣١٣ - فما بعد).
(١٤) بدل ما بين القوسين في (ك): "فعلم".

<<  <  ج: ص:  >  >>