للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التابعين، وهلم جرّا وكلما كان العهد بالرسول (١) أقرب كان الصواب أغلب، وهذا حكم بحسب الجنس (٢) لا بحسب كل فرد فرد من المسائل، كما أن عصر التابعين -وإن كان أفضل من عصر تابعيهم- فإنما هو بحسب الجنس لا بحسب كل شخص شخص، ولكن المُفضَّلون في العصر المتقدم أكثر من المفضلين في العصر المتأخر، وهكذا الصواب في أقوالهم أكثر من الصواب في أقوال من بعدهم؛ فإن التفاوت بين علوم المتقدمين والمتأخرين كالتفاوت الذي بينهم في الفضل والدين (٣)، ولعله لا يسع المفتي والحاكم عند اللَّه أن يفتي ويحكم بقول فلان وفلان من المتأخرين من مقلدي الأئمة ويأخذ برأيه وترجيحه (٤) ويترك الفتوى والحكم بقول البخاري وإسحاق بن راهويه وعلي بن المديني ومحمد بن نصر المروزي وأمثالهم (٥)، بل يترك قول ابن المبارك والأوزاعي [وسفيان الثوري] (٦) وسفيان بن عيينة وحماد بن زيد وحماد بن سلمة وأمثالهم (٧)، بل لا يَلْتفت إلى قول ابن أبي ذئب والزهري والليث بن سعد وأمثالهم (٨)، بل لا يلتفت إلى قول (٩) سعيد بن المسيب، والحسن، والقاسم، وسالم (١٠)، وعطاء، وطاوس، وجابر بن زيد، وشُريح، وأبي وائل، وجعفر بن محمد وأضرابهم مما (١١) يسوغ الأخذ بقولهم (١٢) بل يرى تقديم


(١) في (ق): "وكلما كان برسول اللَّه"، وفي (ك): "وكلما كان العهد برسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-".
(٢) أي بحسب اختلاف الطبقات، ففتاوى طبقة الصحابة مقدمة على فتاوى التابعين، وفتاوى طبقة التابعين مقدمة على فتاوى من بعدهم على العموم، وليست كل فتوى لكل تابعي مقدمة على أقوال من بعدهم، وكذلك لو أفتى بعض التابعين بالراجح مما اختلف فيه الصحابة، كانت فتواهم مقدمة على القول المرجوح من اختلاف الصحابة، وإن كان مرجع هذه الفتوى في الحقيقة لمن أفتى بها من الصحابة -رضي اللَّه عنهم- (س).
(٣) فلا انفكاك بين علو مكانتهم وفضلهم وخبرتهم، وعلمهم وفقههم، فهم أصحاب المنهج الأسلم، والأحكم والأعلم. كما أنهم خير الناس وأفضلهم (س).
قال (د): "في نسخة "في الفضل والرأي"".
(٤) في (ك): "وترجحه".
(٥) الطبقة الوسطى ممن تلقى عن أتباع التابعين (س).
(٦) ما بين المعقوفتين سقط من (ط).
(٧) وهم من الطبقة الوسطى من أتباع التابعين (س).
(٨) وهم من طبقة دون الطبقة الأولى من التابعين (س).
(٩) في المطبوع و (ك): "بل لا يعد قول".
(١٠) في (ق): "وسالم والقاسم".
(١١) كذا في المطبوع، و (ق)، وفي هامش (ق): "لعله ممن".
(١٢) وهم من طبقة التابعين الكبار (س)، وفي (ك): "به".

<<  <  ج: ص:  >  >>