للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[[قلوبهم خير قلوب العباد]]

الوجه التاسع عشر: ما روى أبو داود الطيالسي: ثنا المسعودي، عن عاصم، عن أبي وائل، عن ابن مسعود -رضي اللَّه عنه- قال: إن اللَّه نظر في قلوب العباد فوجد قلب محمد خير قلوب العباد، فبعثه برسالته، ثم نظر في قلوب العباد بعد قلب محمد فوجد قلوب أصحابه خير قلوب العباد فاختارهم لصحبة نبيه ونصرة دينه، فما رآه المسلمون (١) حسنًا فهو عند اللَّه حسن، وما رآه المسلمون قبيحًا فهو عند اللَّه قبيح (٢)، ومن المحال أن يخطئ الحق في حكم اللَّه خير قلوب العباد بعد رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ويظفر به من بعدهم، وأيضًا فإن ما أفتى به أحدهم وسكت عنه الباقون كلهم فإما أن يكونوا قد رأوه حسنًا أو يكونوا قد رأوه قبيحًا فإن كانوا قد رأوه حسنًا فهو حسن عند اللَّه، وإن كانوا [قد] (٣) رأوه قبيحًا ولم ينكروه لم تكن قلوبهم من خير قلوب العباد، وكان من أنكره بعدهم خيرًا منهم وأعلم، وهذا من أبين المحال.

[هم أبر الأمة قلوبًا، وأعمقها علمًا]

الوجه العشرون: ما رواه الإمام أحمد وغيره عن ابن مسعود -رضي اللَّه عنه- قال: "من كان متاسيًا فليتأس بأصحاب رسول اللَّه (٤) -صلى اللَّه عليه وسلم- ورضي عنهم؛ فإنهم كانوا أبرَّ هذه الأمَّة قلوبًا وأعمقها علمًا وأقلّها تكلفًا وأقومها هديًا وأحسنها حالًا قوم اختارهم اللَّه لصحبة نبيه وإقامة دينه فاعرفوا لهم فضلهم، واتّبعوا آثارهم، فإنهم كانوا على الهدي المستقيم" (٥)، ومن المحال أن يُحرم اللَّه أَبرّ هذه الأمة قلوبًا وأعمقها علمًا، وأقلها تكلفًا وأقومها هديًا الصواب في أحكامه ويوفق له من بعدهم.


(١) في (ق): "المؤمنون".
(٢) سبق تخريجه.
(٣) ما بين المعقوفتين سقط من (ق) و (ك).
(٤) في (ق): "بأصحاب محمد".
(٥) رواه ابن عبد البر في "الجامع" (١٨١٠)، والهروي في "ذم الكلام" (ص ١٨٨)، ورزين -كما في "مشكاة المصابيح" (١/ ٦٧ - ٦٨) - من طريق سنيد بن داود: حدثنا معتمر عن سلام بن مسكين عن قتادة عنه، وسنيد قال فيه الحافظ: "ضُعِّف مع إمامته ومعرفته"، وقتادة أيضًا لم يسمع من ابن مسعود، فهو منقطع.
وروي نحوه عن ابن عمر، رواه أبو نعيم في "الحلية" (١/ ٣٠٥ - ٣٠٦)، وفيه عنعنة الحسن البصري، وراوٍ ضعيف، وهو عمر بن نبهان.
وروى نحوه ابن عبد البر (١٨٠٧) من كلام الحسن البصري.

<<  <  ج: ص:  >  >>