للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والتعديل، ولا إلى النظر في قواعد الأصول وأوضاع الأصوليين، بل قد غنوا (١) عن ذلك كله، فليس في حقهم إلا أمران:

أحدهما: قال اللَّه [تعالى] (٢) كذا، وقال رسوله كذا.

والثاني: معناه كذا وكذا، وهم أسعد الناس بهاتين المقدمتين، وأحظى الأمة بهما (٣) فقواهم متوفرة (٤) مجتمعة عليهما، وأما المتأخرون فقواهم (٥) متفرقة، وهممهم متشعبة، فالعربية وتوابعها قد أخذت من قوى أذهانهم شعبة، والأصول [وقواعدها قد أخذت منها شعبة] (٦)، وعلم الإسناد و [أحوال] (٦) الرواة [قد أخذ منها] (٦) شعبة، وفكرهم في كلام مصنّفيهم وشيوخهم على اختلافهم وما أرادوا به قد أخذ منها شعبة، إلى غير ذلك من الأمور، فإذا وصلوا إلى النصوص النبوية إنْ كان لهم هممٌ تسافر إليها وصلوا إليها بقلوبٍ وأذهانٍ قد كلَّتْ من السير في غيرها، وأوهن قواها (٧) مواصلةُ السرى في سواها، فأدركوا من النصوص ومعانيها بحسب [تلك] (٨) القوة، وهذا أمر يحس به الناظر في مسألة إذا استعمل قوى ذهنه في غيرها، ثم صار إليها وَافَاها بذهن كالٍ وقوة ضعيفة (٩).

وهذا شأن من استعمل قواه (١٠) في الأعمال غير المشروعة تَضعُف قوته عند


(١) في (ق): "اغتنوا"، وفي (ك): "أغنوا".
(٢) ما بين المعقوفتين سقط من (ق) و (ك).
(٣) وما أبعد الفرق بين من تلقى السنة والفقه من رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وتلامذته من الصحابة، وبين من تلقاها عبر مئات السنين، فلا وجه للمقارنة بين الطرفين والواسطتين، فهذا من قياس الحدادين على الملائكة كما يقول شيخنا (س).
(٤) في (ق): "متوافرة".
(٥) في (ق): "فقلوبهم"!
(٦) ما بين المعقوفتين سقط من (ق).
(٧) في المطبوع: "وأوهن قواهم".
(٨) ما بين المعقوفتين سقط من (ط) و (ق) و (ك).
(٩) فكيف من قضى عمره في تحصيل وسائل العلم ومداخله؟ بل في تحصيل أصول علم واحد من هذه العلوم؟ ورغم ذلك يردد بعض الشباب أن الأعرابي كان يجلس ساعة في مجلس رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ثم ينطلق إلى الجهاد، وكأنه يتصور أن شأن المتعلم في زماننا كشأن الأعرابي عند النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-! ونشأ بسبب هذا الفهم السطحي العابر تبرم وتأفف جماعات وأفراد ينتسبون إلى دعوة السنة من صرف الوقت والجهد في التعلم والتعليم، وتحقيق المسائل الحديثية والفقهية، أدى إلى زهد وتزهيد في طلب العلم، وإلى عيب أهله ولمزهم، وإلى دفع الشباب إلى حركات هوجاء، لا تقيم وزنًا للرأي العلمي، وتستريب بالتؤدة، وتعدها من مظاهر العطالة والعبث وأحيانًا من العمالة والقعود والتثبيط، وللَّه الأمر من قبل ومن بعد (س).
(١٠) في المطبوع: "استفرغ قواه".

<<  <  ج: ص:  >  >>