للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأول: أن يَسْأل عن الحكم فيقول: ما حكم كذا وكذا؟.

الثاني: أن يسأل عن دليل الحكم.

الثالث: أن يسأل عن وجه دلالته.

الرابع: أن يسأل عن الجواب عن معارضيه (١).

فإن سأل (٢) عن الحكم، فللمسئول حالتان؛ إحداهما: أن يكون عالمًا به.

والثانية: أن يكون جاهلًا به فإن كان جاهلًا به حرم عليه الإفتاء، بلا علم، فإن فعل، فعليه إثمه وإثم المُستفتي، فإن كان يعرف في المسألة ما قاله الناس، ولم يتبيَّن له الصواب من أقوالهم، فله أن يذكر له ذلك فيقول: فيها اختلاف بين العلماء ويحكيه إن أمكنه للسائل، وإن كان عالمًا بالحكم فللسائل حالتان:

إحداهما: أن يكون قد حضره وقت العمل وقد احتاج إلى السؤال، فيجب على المُفتي المبادرة على الفور إلى جوابه، فلا يجوز له تأخير [بيان الحكم له] (٣) عن وقت الحاجة.

والحالة الثانية: أن يكون قد سأل عن الحادثة (٤) قبل وقوعها، فهذا لا يجب على المفتي أن يجيبه عنها، وقد كان السلف الطيّب إذا سئل أحدهم عن مسألة يقول للسائل: هل كانت أو وقعت، فإن قال: لا، لم يجبه، وقال: دعنا في عافية (٥)، وهذا لأن الفتوى بالرأي لا تجوز إلا عند الضرورة، فالضرورة تبيحه،


(١) في (ت) و (ك) و (ق): "معارضة".
(٢) في (ق): "سُئِل".
(٣) بدل ما بين المعقوفتين في (ق): "البيان".
(٤) في (ق): "الحاجة".
(٥) هناك شواهد كثيرة عن السلف تدل على كراهيتهم السؤال عن الحوادث قبل وقوعها، تراها في مقدمة "سنن الدارمي" (باب كراهة الفتيا)، و"الفقيه والمتفقه" (٢/ ٧، باب القول في السؤال عن الحادثة والكلام فيها قبل وقوعها)، و"جامع بيان العلم" (٢/ ١٠٣٧ وما بعدها - ط ابن الجوزي، باب ما جاء في ذم القول في دين اللَّه تعالى وبالرأي والظن والقياس على غير أصل، وعيب الإكثار من المسائل دون اعتبار)، و"المدخل إلى السنن الكبرى" للبيهقي (ص ٢١٨ وما بعدها، باب من كره المسألة عما لم يكن ولم ينزل به وحي)، و"تعظيم الفتيا" (ق ٥/ أ) و"الآداب الشرعية" (٢/ ٧٦ - ٧٩) لابن مفلح، و"الموافقات" (٥/ ٣٧٨ - ٣٧٩ - بتحقيقي).
وانظر في الكلام على هذا المسلك في الفقه وتأريخه والمقدار المحمود منه في "أحكام القرآن" لابن العربي (٢/ ٧٠٠)، و"أحكام القرآن" للجصاص (٢/ ٤٨٣)، و"جامع العلوم والحكم" (شرح الحديث التاسع، ١/ ٢٤٣)، و"الفقيه والمتفقه" (٢/ ٩ - ١٢)،=

<<  <  ج: ص:  >  >>