للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على رسوله (١)، كما اعترض من قبلهم على موسى، بل أمرهم بالتسليم والانقياد، ومنها تحذيرهم من الإصغاء (٢) إلى اليهود، وأنْ تستخفَّهم شُبهُهم (٣)، فإنهم يودُّون أن يردّوهم كفارًا من بعد ما تبيَّن لهم الحق، ومنها إخباره أَنَّ دخول الجنة ليس بالتَّهوُّد، ولا بالتَّنصُّر، وإنما هو بإسلام الوجه والقصد والعمل والنية للَّه مع متابعة أمره، ومنها إخباره سبحانه عن سعته، وأنه حيث ولَّى المصلي وجهه فثمَّ وجه ربه تبارك وتعالى (٤)، فإنه واسع عليم فذكر الإحاطتين الذاتية والعلمية، فلا يتوهمون أنَّهم في القبلة الأولى لم يكونوا مستقبلين وجهه تبارك وتعالى، ولا في الثانية، بل حيثما توجهوا فثم وجهه [تبارك و] تعالى، ومنها أنه سبحانه [وتعالى] (٥) حذَّر نبيه -صلى اللَّه عليه وسلم- من اتباع أهواء الكفار من أهل الكتاب وغيرهم، بل أمره (٦) أن يتبع هو وأمته ما أوحى إليه فيستقبلونه بقلوبهم وحدها (٧)، ومنها أنه ذكر عظمة بيته الحرام و [عظمة] (٥) بانيه وملَّته، وسفه من يرغب عنها وأمر باتباعها فنوَّه بالبيت وبانيه وملته وكل هذا توطئة بين يدي التحويل مع ما في ضمنه من المقاصد الجليلة (٨) والمطالب السنية، ثم ذكر فضل هذه الأمة، وأنهم الأمة الوسط العدل الخيار، فاقتضى ذلك أن يكون نبيهم -صلى اللَّه عليه وسلم- أوسط الأنبياء [صلوات اللَّه وسلامه عليهم] (٩) وخيارهم وكتابهم كذلك ودينهم كذلك وقبلتهم التي يستقبلونها كذلك، فظهرت المناسبة شرعًا وقدرًا في أحكامه تعالى الأمرية والقدرية، وظهرت حكمته الباهرة، وتجلت للعقول الزكية المستنيرة بنور ربها تبارك وتعالى.

والمقصود أَنَّ المفتي جدير أن يذكر بين يدي الحكم الغريب الذي لم يُولف مقدمات تؤنس به وتدل عليه وتكون توطئة بين يديه، وباللَّه التوفيق.

[[يجوز للمفتي أن يحلف على ثبوت الحكم]]

الفائدة الثامنة: يجوز للمفتي والمُناظِر أن يحلف على ثبوت الحكم عنده،


= في "زاد المعاد" (٢/ ٥٧ - ٥٨)، و"بدائع الفوائد" (٤/ ١٥٧ - ١٧٤)، و"مفتاح دار السعادة" (ص ٣٥٨، ٣٦٢).
(١) في (ق) و (ك): "رسولهم".
(٢) في المطبوع و (ك): "تحذيرهم بالإصغاء".
(٣) في (ق) و (ك): "وأن لا تستخفهم بشبهتهم".
(٤) في المطبوع و (ك): "فثم وجهه تعالى".
(٥) ما بين المعقوفتين سقط من (ق) و (ك).
(٦) في المطبوع و (ك): "بل أمر".
(٧) في (ق): "وحده".
(٨) في (ق): "من أعظم المقاصد الجليلة".
(٩) ما بين المعقوفتين سقط من (ق) و (ك).

<<  <  ج: ص:  >  >>