للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فنحكي (١) المذهب [ثم نحكي المذهب] (٢) الراجح ونرجِّحه، ونقول: هذا هو الصواب، وهو أولى أن يُؤخذ به، وباللَّه التوفيق.

[[لا يجوز للمفتي إلقاء المستفتي في الحيرة]]

الفائدة السادسة عشرة (٣): لا يجوز للمفتي الترويج وتخيير السائل (٤)، وإلقاؤُه في الإشكال والحيرة، بل عليه أن يبيّن بيانًا مزيلًا للإشكال متضمنًا لفصل الخطاب كافيًا في حصول المقصود لا يحتاج معه إلى غيره (٥)، ولا يكون كالمفتي الذي سئل عن مسألة في المواريث فقال: يقسم بين الورثة على فرائض اللَّه عز وجل وكتبه فلان، وسُئل آخر عن صلاة الكسوف فقال: تصلَّى على حديث عائشة (٦)، وإن كان هذا أعلم من الأول، وسئل آخر عن مسألة من الزكاة فقال: أما أهل الإيثار فيخرجون المال [كله] (٧)، وأما غيرهم فيخرج القدر الواجب عليه (٨) أو كما قال. وسئل آخر عن مسألة فقال: فيها قولان، ولم يزد.

قال أبو محمد بن حزم (٩): وكان عندنا مُفْت إذا سئل عن مسألة لا يفتي فيها حتى يتقدمه من يكتب فيكتب [هو] (١٠): جوابي فيها مثل جواب الشيخ، فقُدِّر


(١) في (ق): "ثم نحكي"، وفي الهامش: "لعله: بل نحكي".
(٢) ما بين المعقوفتين من (ت)، وسقط من (ق) كلمة: "المذهب" فقط.
(٣) في (ق) و (ك): "عشر".
(٤) في (ق): "وتخييره السائل".
(٥) عنون على هذه الفقرة في هامش (ق) بقوله: "جواب هؤلاء المفتين"، وفيها: "وتخيره السائل".
(٦) حديث عائشة في صلاة الكسوف: رواه البخاري (١٠٤٩ و ١٠٥٠) في "الكسوف": باب التعوذ من عذاب القبر في الكسوف، و (١٠٥٥ و ١٠٥٦) باب صلاة الكسوف في المسجد، ومسلم (٩٠١) في أول صلاة الكسوف.
(٧) ما بين المعقوفتين سقط من (ق).
(٨) قيل لبعضهم: في كم تجب الزكاة، قال: على مذهبنا أم على مذهبكم؟ ثم قال: أما على مذهبنا، فالكل للَّه، وأما على مذهبكم، فكذا وكذا، أو كما قاله، قاله الشاطبي في "الاعتصام" (١/ ٣٣٨ - بتحقيقي).
(٩) في "الإحكام" (٦/ ٧٧)، ونصه هناك: ". . . مفتيًا كان عندنا بالأندلس، وكان جاهلًا، فكانت عادته أن يتقدمه رجلان كان مدار الفتيا عليهما في ذلك الوقت، فكان يكتب تحت فتياهما: أقول بما قاله الشيخان، فقضي أن ذينك الشيخين اختلفا، فلما كتب تحت فتياهما ما ذكرنا؛ قال له بعض من حضر: إن الشيخين اختلفا!! فقال: وأنا اختلف باختلافهما!! ".
(١٠) ما بين المعقوفتين سقط من (ت) و (ق).

<<  <  ج: ص:  >  >>