للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهل يسوغ تقليده في الفتوى؟ فيه للناس أربعة أقوال: الجواز مطلقًا، والمنع مطلقًا، والجواز عند عدم المجتهد، ولا يجوز مع وجوده، والجواز إن كان مطلعًا على [مأخذ] (١) من يفتي بقولهم والمنع إن لم يكن مطلعًا.

والصواب فيه التفصيل وهو أنه إن كان السائل يمكنه التوصل إلى عالم يهديه السبيل لم يحل له استفتاء مثل هذا, ولا يحل لهذا أن ينصب (٢) نفسه للفتوى مع وجود هذا العالم، وإن لم يكن في بلدته (٣) أو ناحيته غيره بحيث لا يجد المستفتي من يسأله سواه، فلا ريب أن رجوعه إليه أولى من أن يُقدم على العمل بلا علم، أو يبقى مرتكبًا في حيرته مترددًا في عماه وجهالته، بل هذا هو المستطاع من تقواه المأمور بها.

ونظير هذه المسألة إذا لم يجد السلطان من يوليه إلا قاضيًا عاريًا عن (٤) شروط القضاء لم يعطل البلد عن قاض، وولَّى الأمثل فالأمثل.

ونظير هذا؛ لو كان الفسق هو الغالب على أهل تلك البلد (٥)، وإن لم تقبل شهادة بعضهم على بعض وشهادته له تعطلت الحقوق وضاعت (٦) قبل شهادة الأمثل فالأمثل (٧).

[ونظيرها] (٣) ولو غلب الحرام [المحض] (٨) أو الشبهة (٩) حتى لم يجد الحلال المحض، فإنه يتناول الأمثل فالأمثل.

ونظير هذا (١٠) لو شهد بعض النساء على بعض بحق في بدن أو عرض أو مال، وهن منفردات بحيث لا رجل معهن كالحمَّامات والأعراس، قبلت شهادة الأمثل فالأمثل منهن قطعًا، ولا يضيع اللَّه ورسوله حق المظلوم، و [لا] (١١) يعطل إقامة دينه في مثل هذه الصورة أبدًا (١٢)، بل قد نبه اللَّه تعالى (١٣) على القبول في


(١) ما بين المعقوفتين سقط من (ق).
(٢) كذا في (ق)، وفي سائر الأصول: "ينسب".
(٣) في المطبوع و (ك): "في بلده".
(٤) في سائر الأصول: "من" والمثبت من (ك).
(٥) في (ت) و (ك): "أهل ذلك البلد".
(٦) في (ق): "فضاعت".
(٧) في (ق): "بل شهادة الأمثل فالأمثل".
(٨) ما بين المعقوفتين سقط من (ت) و (ك).
(٩) في (ق): "والشبهة".
(١٠) في (ك): "ونظيرها".
(١١) ما بين المعقوفتين سقط من (ت) و (ك).
(١٢) انظر "الطرق الحكمية" (٧٥ - ٨١ , ١٦٥، ١٧٥) للمصنف رحمه اللَّه تعالى.
(١٣) في (ق) و (ك): "اللَّه سبحانه".

<<  <  ج: ص:  >  >>