للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الورقة الجواب، ولا يأنف من الإخبار بدين اللَّه (١) الذي يجب عليه الإخبار به لكتابة من ليس بأهل، فإن هذا ليس عذرًا (٢) عند اللَّه ورسوله وأهل العلم في كتمان الحق، بل هذا نوع رياسة وكبر، والحق للَّه [عز وجل] (٣)، فكيف يجوز أن يعطّل حقّ اللَّه ويكتم دينه؛ لأجل كتابة من ليس بأهل؟

وقد نص الإِمام أحمد على أن الرجل إذا شهد الجنازة [فرأى فيها] (٤) منكرًا لا يقدر على إزالته أنه لا يرجع، ونص على أنه إذا دعي إلى وليمة عرس فرأى فيها منكرًا (٥) لا يقدر على إزالته أنه يرجع، فسألتُ شيخنا عن الفرق؟ فقال: لأن الحق في الجنازة للميِّت، فلا يُترك حقّه لما فعله الحيُّ من المنكر، والحق في الوليمة لصاحب البيت، فإذا أتي فيها بالمنكر، فقد أسقط (٦) حقَّه من الإجابة، وإن كان المبتدي بالجواب أهلًا للإفتاء، فلا يخلو إما أن يعلم المُكَذْلِكُ صواب جوابه أو لا يعلم، فإن لم يعلم صواب جوابه (٧) لم يجز له أن يُكَذْلِكَ تقليدًا له؛ إذ لعله أن يكون قد غلط، ولو نُبّه لرجعَ، وهو معذور وليس المُكَذْلِكُ معذورًا (٨)، بل مفتٍ بغير علم، ومَن أفتى بغير علم فإثمه على من أفتاه، وهو أحد المفتين الثلاثة الذين [ثلثاهم] (٩) في النار، وإنْ علم أنه قد أصاب، فلا يخلو إما أن تكون [المسألَة] (٩) ظاهرةً لا يخفى وجهُ الصواب فيها -بحيث لا يُظن بالمكَذْلِك أنه قلَّده فيما لا يعلم- أو تكون خفيَّة، فإنْ كانتْ ظاهرةً فالأَوْلى الكَذْلَكَة لأنه إعانةٌ على البر والتقوى، وشهادةٌ للمفتي بالصواب، وبراءة من الكِبْر والحميَّة، وإن كانتْ خفيَّة بحيث يظن بالمكَذلِك أنه وافقه تقليدًا محضًا، فإن أمكنه إيضاح ما أشكله الأول أو زيادة (١٠) بيان أو ذكر [قيد] (١١) أو تنبيه على أمر أغفله؛ فالجواب المستقل أولى، وإنْ لم يمكنه ذلك، فإنْ شاء كَذْلَكَ، وإن شاء أجاب استقلالًا.

فإن قيل: ما الذي يمنعه من الكَذْلَكة إذا لم يعلم صوابه تقليدًا [له] (١١)،


(١) في (ق): "في دين اللَّه".
(٢) في (ق): "بعذر".
(٣) ما بين المعقوفتين سقط من (ق).
(٤) في (ق): "إذا رأى".
(٥) في (ق): "إذا رأى منكرًا".
(٦) في (ق): "سقط".
(٧) في المطبوع و (ت) و (ك): "صوابه".
(٨) في (ق): "وهذا معذور والمكذلك ليس معذورًا".
(٩) ما بين المعقوفتين سقط من (ق).
(١٠) في المطبوع و (ق): "وزيادة".
(١١) ما بين المعقوفتين سقط من (ق).

<<  <  ج: ص:  >  >>