للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهؤلاء لا يدعون الاجتهاد، ولا يقرون بالتقليد، وكثير منهم يقول: اجتهدنا في المذاهب فرأينا أقربها إلى الحق مذهب إمامنا، وكل (١) منهم يقول ذلك عن إمامه، ويزعم أنه أولى بالاتباع من غيره، ومنهم من يغلو فيوجب اتّباعه ويمنع من اتباع غيره.

فياللَّه العجب من اجتهاد نهض بهم إلى كون متبوعهم ومقلَّدهم أعلم من غيره، وأحق بالاتباع ممن سواه (٢)، وأن مذهبه هو الراجح والصواب دائر معه، وقعد بهم عن الاجتهاد في كلام اللَّه ورسوله واستنباط الأحكام منه وترجيح ما يشهد له النص مع استيلاء كلام اللَّه ورسوله على غاية البيان وتضمنه لجوامع الكلم، وفصله للخطاب وبراءته من التناقض والاختلاف والاضطراب فقعدت بهم هممهم [واجتهادهم] (٣) عن الاجتهاد فيه ونهضت بهم إلى الاجتهاد في كون إمامهم أعلم الأمة وأولاها بالصواب، وأقواله في غاية القوة وموافقة السنة والكتاب، واللَّه المستعان.

[[فصل]

النوع الرابع: طائفة تفقهت في مذاهب من انتسبت إليه] (٤)، وحفظت فتاويه وفروعه، وأقرَّت على أنفسها بالتَّقليد المحض من جميع الوجوه، فإن ذكروا (٥) الكتاب والسنة يومًا [ما في مسألة] (٣)، فعلى وجه التَّبرُّك والفضيلة (٦)، لا على وجه الاحتجاج والعمل، وإذا رأوا حديثًا صحيحًا مخالفًا لقول من انتسبوا إليه أخذوا يقول إمامهم (٧) وتركوا الحديث، وإذا رأوا أبا بكر وعمر وعثمان وعليًا وغيرهم من الصحابة -رضي اللَّه عنهم- قد أفتوا بفتيا، ووجدوا لإمامهم فتيا تخالفها أخذوا بفتيا إمامهم وتركوا فتاوى الصحابة، قائلين: الإِمام أعلم بذلك منا ونحن قد قلَّدناه، فلا نتعداه، ولا نتخطاه، بل هو أعلم بما ذهب إليه منّا، ومن عدا هؤلاء فمتكلِّف [و] متخلف قد دنا (٨) بنفسه عن رُتبة المشتغلين (٩)، وقصَّر عن درجة


(١) في (ق): "فكل".
(٢) في المطبوع و (ت) و (ك): "أحق بالاتباع من سواه".
(٣) ما بين المعقوفتين سقط من (ق).
(٤) ما بين المعقوفتين سقط من (ك).
(٥) في (ق): "ذكر".
(٦) في (ق): "فعلى سبيل التبرك والفضل".
(٧) في المطبوع و (ت) و (ك): "أخذوا بقوله".
(٨) أشار في هامش (ق) إلى أنه في نسخة: "ربًا" وهي نسخة (ك)، وما بين المعقوفتين منها ومن (ق).
(٩) في (ت): "المتعلمين".

<<  <  ج: ص:  >  >>