للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيقال لهم: المُستفتي قد دخل بامرأته دخولًا صحيحًا سائغًا، ولم يقم (١) ما يوجب مفارقته لها من نص، ولا إجماع، فلا يجب عليه مفارقتها بمجرد تغير اجتهاد المفتي، وقد رجع عمر بن الخطاب -رضي اللَّه عنه- عن القول بالتشريك وأفتى بخلافه، ولم يأخذ المال من الذين شرَّك بينهم أولًا (٢)، وأما قياسكم ذلك على من تغير اجتهاده في معرفة القبلة فهو حجة عليكم، فإنه لا يبطل ما فعله المأموم بالاجتهاد الأول ويلزمه التحول ثانيًا لأنه مأمور بمتابعة الإِمام، بل نظير مسألتنا ما لو تغير اجتهاده بعد الفراغ من الصلاة، فإنه لا تلزمه الإعادة ويصلي الثانية بالاجتهاد الثاني.

وأما قول أبي عمرو بن الصلاح (٣) وأبي عبد اللَّه بن حمدان (٤) من أصحابنا: "إذا كان المفتي إنما يفتي على مذهب إمام معيَّن فإذا رجع لكونه بان له


(١) في المطبوع: "ولم يفهم".
(٢) روى عبد الرزاق (١٩٠٠٥)، ومن طريقه الدارقطني (٤/ ٨٨)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (٦/ ٢٥٥)، و"الخلافيات" (٣/ ق ١٥ - ١٦)، وابن عبد البر في "جامع بيان العلم" (١٦٧٠) عن معمر عن سماك بن الفضل عن وهب بن منبه عن مسعود بن الحكم الثقفي قال: قضى عمر في امرأة توفيت وتركت زوجها وأمها وإخوتها لأمها، وإخوتها لأبيها وأمها فأشرك عمر بين الإخوة للأم والإخوة للأب، والأم في الثلث، فقال له رجل: إنك لم تشرك بينهم عام كذا وكذا فقال عمر: تلك على ما قضيت يومئذ، وهذه على ما قضينا.
ورواه سعيد بن منصور (٦٢)، والبيهقي عن معمر عن سماك عن مسعود بن الحكم به.
واعلم أنه قد وقع في بعض المصادر اسم مسعود بن الحكم: الحكم بن مسعود، وقد جعلهما ابن أبي حاتم واحدًا فقال: الحكم بن مسعود يقال له: مسعود بن الحكم أيضًا، وهو الصحيح روى عن عمر بن الخطاب وروى عنه وهب بن منبه.
وأما يعقوب بن سفيان فقال: الذي روى إنما هو الحكم بن مسعود وأخطأ من قال: مسعود بن الحكم، نقله عنه البيهقي.
ثم وجدت البخاري سبقه إلى هذا في "تاريخه الكبير" (٢/ ٣٣٢).
أقول: وصوب أنه الحكم بن مسعود أيضًا النسائي كما نقله عنه الحافظ في "التلخيص" (٣/ ٨٦).
والحكم هذا لم يذكر بجرح ولا تعديل، فهو في عداد المجاهيل.
وقال البخاري أيضًا: ولم يتبين سماع وهب من الحكم.
ومع هذا فقد قال محقق "جامع بيان العلم": إسناده صحيح، ورجاله ثقات!!
(٣) في "أدب المفتي والمستفتي" (١٠٩ - ١١٠).
(٤) في "صفة الفتوى" (٣٠ - ٣١).

<<  <  ج: ص:  >  >>