للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[بعض] (١) تلك الأدوية التي صرَّح باسمها الطبيب الأول [في ذلك الدواء] (١) العام المنفعة [المركب] لم يرد به ذلك الدواء العام الذي جرت العادة في اللسان أن يدل بذلك الاسم عليه، وإنما أراد به دواء [آخر مما يمكن أن] (١) يدل عليه بذلك باستعارة بعيدة، فأزال ذلك الدواء الأول من ذلك المركب الأعظم، وجعل فيه بدله الدواءَ الذي ظن أن قصده الطبيب، [وقال للناس: هذا هو الذي قصده الطبيب] (١) الأول، فاستعمل الناس ذلك الدواء المركب على الوجه الذي تأوله [عليه] (١) هذا المتأول، ففسدت [به] أمزجة كثير من الناس، فجاء آخرون فشعروا بفساد أمزجة الناس من ذلك الدواء المركب، فراموا إصلاحه بأن بدلوا بعض أدويته بدواء آخر غير الدواء الأول، فعرض من ذلك للناس (٢) نوع من المرض غير النوع الأول، فجاء ثالث فتأول في أدوية ذلك المركب غير التأويل الأول والثاني، فعرض للناس من ذلك نوع ثالث من المرض غير النوَعيْن المتقدِّمين، فجاء متأوّلٌ رابعٌ فتأوَّل دواءً آخر غير الأدوية المتقدّمة، [فعرض منه للناس نوع رابع من المرض غير الأمراض المتقدمة] (١)، فلما طال الزمان بهذا الدواء المركب الأعظم، وسلَّط الناس التأويل على أدويته وغيَّروها، وبدَّلوها عرض [منه] (١) للناس أمراض شتى حتى فسدت المنفعة المقصودة بذلك الدواء المركب في حق أكثر الناس. وهذه هي حالة (٣) الفرق الحادثة [في هذه الطريقة] (٤) مع الشريعة؛ وذلك أنَّ كلَّ فرقة منهم تأوَّلت [في الشريعة تأويلًا] غير التأويل الذي تأولته الفرقة الأخرى، وزعمت أنه [هو الذي] (٥) قصده صاحب الشرع حتى تمزق الشرع كلَّ ممزق، وبَعُد جدًا عن موضعهه (٦) الأول. ولما علم صاحب الشرع [صلوات اللَّه وسلامه عليه وعلى آله] (١) لأن مثل هذا يعرض -ولا بد- في شريعته قال -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة" (٧) يعني بالواحدة


(١) ما بين المعقوفتين سقط من (ق).
(٢) في (ق): "فعرض للناس من ذلك".
(٣) في "الكشف" و (ق) و (ك): "حال".
(٤) كذا في "الكشف"، وفي سائر النسح: "الشريعة"، وما بين المعقوفتين سقط من (ق).
(٥) ما بين المعقوفتين سقط من (ق).
(٦) في المطبوع و (ك): "موضوعه".
(٧) أخرجه ابن ماجه في "السنن" (رقم ٣٩٩٢)، وابن أبي عاصم في "السنة" (رقم ٦٣)، -ومن طريقه المزي في "تهذيب الكمال" (١٤/ ١٨١) -، واللالكائي في "شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة" (رقم ١٤٩) بسند جيد من حديث عوف بن مالك مرفوعًا.
وأخرجه الحاكم في "المستدرك" (١/ ١٢٨ - ١٢٩) من طريق أخرى، ولكن فيها كثير بن عبد اللَّه المزني، لا تقوم به الحجة. =

<<  <  ج: ص:  >  >>