للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فاحتجبي منه، فإنه ليس لك بأخ" (١)، فحكم وأفتى بالولد لصاحب الفراش عملًا بموجب الفراش وأمر سَوْدة أن تحتجب منه عملًا بشبهه بعتبة، وقال: "ليس لك بأخ" للشبهة وجعله أخًا في الميراث فتضمن فتواه -صلى اللَّه عليه وسلم- أن الأمة فِرَاش، وأن الأحكام تتبعض في العين الواحدة عملًا بالاشتباه، كما تتبعض في الرضاعة وثبوتها يثبت بها الحرمة والمحرمية دون الميراث والنفقة [وليس ولدًا في الميراث والنفقة] (٢) وكما في ولد الزنا هو ولد في التحريم وليس ولدًا في الميراث ونظائر


= قال البيهقي: فإسناد هذا الحديث لا يقاوم إسناد الحديث الأول -أي حديث عائشة السابق-؛ لأن الحديث الأول رواته مشهورون بالحفظ والفقه والأمانة، وعائشة تخبر عن القصة وكأنها شهدتها. والحديث الآخر -أي هذا- في رواته من نسب في آخر عمره إلى سوء الحفظ، وهو جرير بن عبد الحميد، وفيهم من لا يعرف بسبب يثبت به حديثه، وهو يوسف بن الزبير، وقد قيل في غير هذا الحديث: عن مجاهد عن يوسف بن الزبير، كأنه لم يشهد القصة لصغره.
ويحتمل أن يكون المراد بقوله -إن كان قاله-: "ليس لك بأخ" شبهًا، وإن كان لك بحكم الفراش أخًا، فلا يكون لقوله: "هو أخوك يا عبد" مخالفًا، فقد ألحقه بالفراش حتى حكم له بالميراث، واللَّه الموفق.
وقد رد الحافظ ومن قبله ابن التركماني على البيهقي، فقال: "ورجال سنده رجال الصحيح إلا شيخ مجاهد، وهو يوسف مولى آل الزبير"، وقال من قبل: إسناده حسن.
وقال: "وتعقب بأن جريرًا هذا لم ينسب إلى سوء حفظ، وكأنه اشتبه عليه بجرير بن حازم، وبأن الجمع بينهما ممكن، فلا ترجيح وبأن يوسف معروف في موالي آل الزبير، وعلى هذا فيتعين تأويله، وإذا ثبتت هذه الزيادة تعين تأويل نفي الأخوة عن سودة على نحو ما تقدم من أمرها بالاحتجاب منه".
أقول: يوسف بن الزبير قال عنه الحافظ في "التقريب": مقبول! أي إذا توبع وإلا فليّن.
وقد نقل في كتابه "التهذيب" عن ابن جرير أنه قال فيه: مجهول لا يحتج به، وقد وثقه ابن حبان.
وقد رواه الطبري في "تهذيب الآثار" كما قال ابن حجر في "النكت الظراف" (٥/ ٣٣٣) من طريق إسرائيل عن منصور عن مجاهد عن مولى لابن الزبير عن سودة بإسقاط عبد اللَّه بن الزبير.
ورواه أيضًا عبد الرزاق (١٣٨٢٠)، ومن طريق أحمد (٤/ ٥) عن الثوري عن منصور عن مجاهد عن ابن الزبير.
وهذا الإسناد الأخير إن سلم من الوهم إسناده صحيح، رجاله كلهم ثقات، ومجاهد أدرك ابن الزبير إدراكًا بينًا، لكن أخشى أن يكون عبد الرزاق وهم فيه.
(١) انظر ما قبله.
(٢) ما بين المعقوفتين من (ك) و (ط. دار الحديث) وسقط من سائر النسخ.

<<  <  ج: ص:  >  >>