للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لم يحرمه: هذا حرام، ولما لم يحله: هذا حلال، وهذا بيان منه سبحانه أنه لا يجوز للعبد أن يقول: هذا حلال وهذا حرام؛ إلا لما (١) علم أنَّ اللَّه سبحانه أحَلّه أو حرمه (٢).

وقال بعض السلف (٣): ليتَّقِ أحَدُكم أن يقول: أحل اللَّه كذا (٤)، وحرم كذا، فيقول اللَّه [له] (٥): كذبت، لم أحل كذا، ولم أحرم كذا؛ فلا ينبغي أن يقول لما لا يعلمُ ورودَ الوحي المبين بتحليله وتحريمه (٦): أحَلّه اللَّه، وحرَّمه اللَّه، [لمجرد التقليد أو بالتأويل] (٧).

[النهي عن أن يقال: هذا حكم اللَّه]

وقد نهى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في الحديث الصحيح أميرَهُ بريدة أن ينزل عدوه إذا حاصرهم على حكم اللَّه، وقال: "فإنَّكَ لا تَدْري أتصيبُ حكم اللَّه فيهم أم لا، ولكن أنْزِلْهُمْ على حكمك وحكم أصحابك" (٨). فتأمل كيف فرَّق بين حكم اللَّه وحكم الأمير المجتهد، ونهى أن يُسمَّى حكم المجتهدين: حكم اللَّه.

ومن هذا: لما كتب الكاتبُ بين يدي أمير المؤمنين عمر بن الخطاب [-رضي اللَّه عنه-]، حكمًا حكم به؛ فقال: هذا ما أرى اللَّه أميرَ المؤمنين عمر، فقال: لا تقل هكذا، ولكن قُلْ: هذا ما رأى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب (٩).


(١) في المطبوع: "إلا بما".
(٢) في المطبوع: "أحله وحرمه"، وسقطت لفظة "سبحانه" من (ق).
(٣) هو الربيع بن خثيم، كما صرح به المصنف وسيأتي تخريجه.
(٤) في (ق): "أن يقول لما لا يعلم أحل اللَّه. . . ".
(٥) ما بين المعقوفتين سقط من (ن) و (ك) و (ق).
(٦) قال (ط): في نسخة "لما يعلم ولا ورد الوحي المبين بتحليله وتحريمه. . . " انظر: "إعلام الموقعين" طبعة: فرج اللَّه زكي الكردي ج ١ صفحة ٤٣" اهـ، وفي (د) نحوه باختصار.
(٧) في (ك): "بمجرد التقليد وبالتأويل" وفي (ق): "أو حرمه بمجرد التقليد وبالتأويل".
(٨) هو جزء من حديث بريدة، رواه مطولًا مسلم (١٧٣١) في (الجهاد): باب تأمير الأمراء على البعوث، ولكن ليس فيه: "وحكم أصحابك". وعند أبي داود (٢٦١٢) وأبي عوانة (٤/ ٦٧) والبيهقي (٩/ ٩٧، ١٨٤): "ولكن أنزلوهم على حكمكم" وزاد أبو يعلى (١٤١٣): "ثم احكموا فيهم ما رأيتم" ووقع في (ق): "إنك لا تدري أتصيب".
(٩) رواه البيهقي في "السنن الكبرى" (١٠/ ١١٦)، وأبو ذر الهروي في "ذم الكلام" (٢/ ١٠٢ - ١٠٣ رقم ٢٥٨)، وابن حزم في "الإحكام" (٦/ ٤٨)، وقال ابن حجر في "التلخيص" (٤/ ١٩٥): "إسناده صحيح" وما بين المعقوفتين سقط من (ق).

<<  <  ج: ص:  >  >>