للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المجرد الذي حقيقته أنه زُبالة الأذهان ونُخالة الأفكار وعُفارة (١) الآراء ووساوس الصدور، فملأوا به الأوراق سَوَادًا، والقلوب شُكوكًا، والعالم فسادًا.

[[نشأة الفساد من تقديم الرأي والهوى على الوحي]]

وكل من له مسْكَة من عقل، يعلم أن فساد العالم وخرابه إنما نشأ من تقديم الرأي على الوحي، والهوى على العقل، وما استحكم هذان الأصلان الفاسدان في قلب إلا استحكم هلاكه، و [لا] (٢) في أمة إلا فسد أمرها أتمَّ الفساد] (٣)، فلا إله إلا اللَّه كم نُفِيَ بهذه الآراء من حق، وأُثْبِتَ بها من باطل، وأميت بها من هدًى، وأحيي بها من ضلالة؟ [وكم هُدِمَ بها من مَعْقَل الإيمان (٤)، وعُمِّر بها من دين الشيطان؟ وأكثر أصحاب الجحيم هم أهل (٥) الآراء الذين لا سَمْعَ لهم ولا عَقْل، بل هم شرٌّ من الحُمُر (٦)، وهم الذين يقولون يوم القيامة: {لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ} [الملك: ١٠] (٧).

[[النوع الرابع من الرأي]]

النوع الرابع: الرأي الذي أُحدثت به البدع، وغُيِّرت به السنن، وعمَّ به البلاء، وتربَّى عليه (٨) الصغير، وهَرِمَ فيه الكبير.

فهذه الأنواع الأربعة من الرأي الذي اتفق سلف الأمَّة وأئمتها على ذمِّه وإخراجه من الدين.

[[النوع الخامس من الرأي]]

النوع الخامس: ما ذكره أبو عمر بن عبد البر عن جمهور أهل العلم أن الرأي المذموم في هذه الآثار عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وعن أصحابه والتابعين [- رضي اللَّه عنهم-] (٩) أنه


(١) وكذا في (ك) وفي الهامش: "لعله عصارة" وفي (ق): "وعصارة"، ووقع في (ك): "ونخامة الأفكار".
(٢) ما بين المعقوفتين من (ق) و (ك).
(٣) ما بين المعقوفتين سقط من (ن) وفي (ك) و (ق): "إلا وفسد أمرها فساد".
(٤) في (ق): "للإيمان".
(٥) في (ق) بعدها: "هذه".
(٦) في (ق): "الحمير".
(٧) ما بين المعقوفتين سقط من (ن).
(٨) في (ق) و (ك): "فربا فيه".
(٩) بدل ما بين المعقوفتين في "الجامع": "هو"، ووقع في (ق): "وعن الصحابة"، وما بين المعقوفتين سقط منها.

<<  <  ج: ص:  >  >>