للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال أبو عمر: ليس في الحديث من الثلاث عَشْرَة مسألة إلا ثلاث (١).

قلت: ومراد ابن عباس بقوله: "ما سألوه إلا عن ثلاث عشرة مسألة" المسائل التي حكاها اللَّه في القرآن عنهم، وإلا فالمسائل التي سألوه عنها وبيّنَ لهم أحكامها بالسنة لا تكاد تحصى، ولكن إنما كانوا يسألونه عما ينفعهم من الواقعات، ولم يكونوا يسألونه عن المقدَّرات والأغلوطات وعُضَل المسائل، ولم يكونوا يشتغلون بتفريع المسائل وتوليدها، بل كانت همَمُهم مقصورة على تنفيذ ما أمرهم به، فإذا وقع بهم أمر سألوا عنه فأجابهم (٢).

[الأشياء التي نُهيَ عن السؤال عنها]

وقد قال [اللَّه] (٣) تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ وَإِنْ تَسْأَلُوا عَنْهَا حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ عَفَا اللَّهُ عَنْهَا وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ (١٠١) قَدْ سَأَلَهَا قَوْمٌ مِنْ قَبْلِكُمْ ثُمَّ أَصْبَحُوا بِهَا كَافِرِينَ} [المائدة: ١٠١ - ١٠٢].

وقد اختُلِف في هذه الأشياء المسؤول عنها: هل (٤) أحكام قَدَريَّة أو أحكام شرعية؟ على قولين؛ فقيل: إنها أحكام شرعية عفا اللَّه عنها، أي سكتَ عن تحريمها فيكون سؤالهم عنها سبب تحريمها، ولو لم يسألوا


= وقال ابن عبد البر في "جامع بيان العلم" (٢/ ١٠٦٢/ رقم ٢٠٥٣): "روى جرير بن عبد الحميد، ومحمد بن فضيل، عن عطاء. . (وذكره) ".
قلت: وجرير وابن فضيل ممن رويا عن عطاء بعد الاختلاط؛ فالإسناد ضعيف، قال الهيثمي في "المجمع" (١/ ١٥٩): "فيه عطاء بن السائب، وهو ثقة، ولكنه اختلط، وبقية رجاله ثقات"، وحكمه هذا أدق من قول ابن مفلح في "الآداب الشرعية" (٢/ ٧٧): "إسناده حسن"، إلا أنه فاته العزو للبزار، وهو عنده باللفظ الذي أوردناه آنفًا؛ كما أفاده السيوطي في "الإتقان" (في النوع الثاني والأربعين، ٢/ ٣١٥)، وصححه. ولتحرير عدد الأسئلة التي في القرآن، وجدتُ أن مصادر التخريج تتابعت على إيراد الأثر بلفظ: "ثلاث عشرة مسألة"، وعند البزار: "عن اثنتي عشرة مسألة، كلها في القرآنِ" قال السيوطي في "الإتقان" (٢/ ٣١٥) عقبه: "أورده الإمام الرازي بلفظ: "أربعة عشر حرفًا"، ثم ذكرها عنه تعدادًا، ثم بيّن أن اثنين منها -وهما السؤال عن الروح، والسؤال عن ذي القرنين- سألهما غير الصحابة، ثم قال: "فالخالص اثنا عشر؛ كما صحت به الرواية".
قلت: رواية الطبراني فيها ستة عشر من الأسئلة، وبعضها ليس في القرآن.
(١) انظر: "جامع بيان العلم وفضله" (٢/ ١٠٦٢/ ٢٠٥٣).
(٢) من قوله: "وقال الأوزاعي" إلى هنا سقط من (ن).
(٣) ما بين المعقوفتين سقط من (ق).
(٤) في (ق) بعدها: "هي".

<<  <  ج: ص:  >  >>