للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أقوى منه في خلاف قولهم، دفَعُوهُ ولم يقبلوه، وسنذكر من هذا إن شاء اللَّه طَرَفًا عند ذكر غائلة (١) التقليد وفساده، والفرق بينه وبين الاتِّباع.

[[كلام أئمة الفقهاء في الرأي]]

و [قال بَقِيُّ بن مَخْلَد: ثنا سَحْنون والحارثُ بن مِسْكين] (٢)، عن [ابن] (٣) القاسم عن مالك أنه كان يُكثر أن يقول: {إِنْ نَظُنُّ إِلَّا ظَنًّا وَمَا نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ} (٤) [الجاثية: ٣٢].

وقال القعنبي: دخلت على مالك بن أنس في مَرَضِه الذي مات فيه، فسلّمْتُ عليه، ثم جلستُ، فرأيته يبكي، فقلت له: يا أبا عبد اللَّه، ما الذي يبكيك؟ فقال [لي]: يا ابن قعنب، ومالي لا أبكي؟ ومَنْ أحقُّ بالبكاء مِنِّي؟ واللَّه لودِدْتُ أني ضُربت بكلِّ (٥) مسألة أفْتَيْتُ فيها بالرأي سَوْطًا، وقد كانت لي السَّعَة فيما قد سُبقت [إليه]، وليتني لم أفْتِ بالرأي (٦).

وقال ابنُ أبي داود: ثنا أحمد بن سِنان قال: سمعت الشافعيَّ يقول: مَثَلُ الذي يَنْظرُ في الرأي ثم يتوب منه مثل المجنون الذي عُولج حتى بَرأ فأعقل ما يكون قد هاج به (٧).

وقال ابن أبي داود: حدثنا عبد اللَّه بن أحمد بن حنبل قال: سمعت أبي يقول: لا تكاد تَرَى أحدًا ينظر في الرأي إلا وفي قلبه دَغَل (٨).


(١) "الغائلة" الشر، وفي "الصِّحاح" (٥/ ١٧٨٨): "فلان قليل الغائلة، والغالة الشر" (ح). ووقع في (ق): "وسنذكر من هذا طرفًا أن شاء اللَّه".
(٢) ما بين المعقوفتين سقط من (ن).
(٣) ما بين المعقوفتين سقط من (و).
(٤) ذكره ابن عبد البر بصبغة التمريض (٢٠٩٢) (ص ١٠٧٥) دون إسناد، وذكره أيضًا القاضي عياض في "ترتيب المدارك" (١/ ١٤٨)، والشاطبي في "الموافقات" (٥/ ٣٢٩ - بتحقيقي).
(٥) في (ق) و (ك): "في كل".
(٦) رواه ابن عبد البر في "الجامع" (٢٠٨١، ص ١٠٧٢) من طريق مالك بن علي عن القعنبي به. وفي سنده محمد بن عمر بن لبابة ضعيف الرواية.
وأسنده من طريق القعنبي به: الحميدي في "جذوة المقتبس" (٢/ ٥٥٢ - ٥٥٣) والضبي في "البغية" (ص ٤٦٤)، وابن حزم في "إبطال القياس" (٦٧) وقال: "ثبت عنه"، ونحوه في "ترتيب المدارك" (١/ ١٤٩ - ١٥٠)، و"الموافقات" (٥/ ٣٣٠ - بتحقيقي) وما بين المعقوفات سقط من (ق).
(٧) رواه ابن عبد البر في "الجامع" (٢٠٣٤) (ص ١٠٥٣)، وإسناده حسن.
(٨) رواه ابن عبد البر في "الجامع" (٢٠٣٥) (ص ١٠٥٤) بهذا الإسناد. =

<<  <  ج: ص:  >  >>