للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والقضاء والهَدْي من قابل، ورأيهم في الحامل والمرضع إذا خافتا على ولديهما أفطرتا وقضتا وأطعمتا لكل يوم مسكينًا، ورأيهم في الحائض تَطْهُرُ قبل طلوع الفجر تصلي المغرب والعشاء، وإن طهرت قبل الغروب صلت الظهر والعصر، ورأيهم في الكلالة، وغير ذلك.

قال الإمام أحمد: ثنا يزيد بن هارون: أنا عاصم الأحول، عن الشعبي قال: سُئل أبو بكر عن الكلالة، فقال: إني سأقول فيها برأيي، فإن يكن صوابًا فمن اللَّه، وإن يكن خطأ فمني ومن الشيطان، أراه ما خلا الوالد والولد (١).

فإن قيل: كيف يجتمع هذا مع ما صح عنه من قوله: "أَيُّ سَمَاء تُظِلُّني؟ وأي أرض تُقِلُّني إن قلت في كتاب اللَّه برأيي" (٢)، وكيف يجامع هذا الحديث الذي تقدم: "من قال في القرآن برأيه فليتبوأ مقعده من النار"؟ (٣).

فالجواب أن الرأي نوعان:

أحدهما: رأي مجرد لا دليل عليه، بل هو خَرْص وتخمين، فهذا الذي أعاذ اللَّه الصديق والصحابة منه.

والثاني: رأي مستندٌ إلى [استدلال واستنباط] (٤) من النص وحده، أو من نص آخر معه، فهذا من ألطف فَهْمِ النصوص وأدقه، ومنه رأيه في الكلالة أنها ما عدا الوالد والولد، فإن اللَّه سبحانه ذكر الكلالة في موضعين من القرآن، ففي أحد الموضعين (٥) وَرَّثَ معها الأخَ والأختَ من الأم، ولا ريب أن هذه الكلالة ما عد الوالد والولد، والموضع الثاني (٦) وَرَّث معها ولد الأبو ين أو (٧) الأب النصف أو (٧) الثلثين، فاختلف الناس في هذه الكلالة، والصحيح فيها قول الصديق الذي


(١) سيأتي تخريجه.
(٢) مضى تخريجه.
(٣) مضى تخريجه.
(٤) في (ك): "الاستدلال والاستنباط".
(٥) يعني قوله -سبحانه-: {وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ} [النساء: ١٢]، (و)، (ط).
(٦) يعنى قوله -سبحانه-: {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالًا وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ} [النساء: ١٧٦]، (و): ونحوه في (ط) و (ح).
(٧) في (ن) و (ك): "و" ووقع في (ق): "والثلثين".

<<  <  ج: ص:  >  >>