للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأموال وحدها، فإنه لم يخبر عن شرع عام شَرَعَه رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في الأموال، وكذلك سائر ما رُوي من حكمه بذلك، إنما هو في قضايا معينة قضى فيها بشاهد ويمين، وهذا كما لا يدل على اختصاص حكمه بتلك القضايا لا يقتضي اختصاص حكمه (١) بالأموال، كما أنه إذا حكم بذلك في الديون لم يدلَّ على أنَّ الأعيان ليست كذلك، بل هذا يحتاج إلى تنقيح المَنَاط، فيُنظر ما حكم لأجله إن وُجد في غير محل حكمه عُدِّيَ إليه.

وفي حديث عَمرو بن شُعيب، عن أبيه، عن جَدِّه، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أن المرأة إذا أقامت شاهدًا واحدًا على الطلاق، فإن حَلَف الزوج أنه لم يُطلِّق لم يُقضَ عليه، وإن لم يَحْلف حَلَفت المرأة، ويُقضى عليه" (٢).

[[الاحتجاج بصحيفة عمرو بن شعيب]]

وقد احتج الأئمة الأربعة والفقهاء قاطبة بصحيفة عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، ولا يُعْرَف في أئمة الفتوى إلا من احتاج إليها واحتجَّ بها (٣)، وإنما طعن فيها من [لم] (٤) يتحمَّل (٥) أعباء الفقه والفتوى، كأبي حاتم البُسْتي (٦) وابن حزم (٧) وغيرهما (٨)؛ وفي هذه الحكومة أن يُقضى في الطلاق بشاهد وما يقوم


(١) في المطبوع و (ق) و (ك): "لا يقتضي اختصاصه".
(٢) رواه ابن ماجه (٢٠٣٨)، والدارقطني (٤/ ٦٤)، والخطيب في "تاريخ بغداد" (٢/ ٤٥) من طريق عمرو بن أبي سلمة التنيسي، عن زهير، عن ابن جريج، عن عمرو بن شعيب به.
وفيه علل: زهير بن أبي سلمة، قال فيه الحافظ ابن حجر: صدوق له أوهام، وزهير بن محمد ثقة لكن في رواية أهل الشام عنه مناكير -وهذه منها-، وابن جريج مدلس، وقد عنعن.
أما البوصيري فقال (١/ ٣٥٢): "إسناد حسن رجاله ثقات"!.
(٣) انظر تفصيل هذا الاحتجاج في دراسة الأخ أحمد عبد اللَّه أحمد بعنوان: "رواية عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده في الكتب التسعة" (ص ٦٣ - ٧٤)، وهي أطروحة للماجستير، مرقومة على الآلة الكاتبة.
(٤) ما بين المعقوفتين سقط من (و).
(٥) في (ق) و (ك): "يحتمل".
(٦) انظر له "الثقات" (٤/ ٣٥٧ و ٦/ ٤٣٧)، و"المجروحين" (٢/ ٧١، ٧٣).
(٧) انظر له "المحلى" (٨/ ٢٧٠، ٣١٧).
(٨) مثل: الشافعي، فيما نقله عنه البيهقي في "السنن الكبرى" (٧/ ٣٩٦)، وأيوب السختياني، كما في "الجرح والتعديل" (٦/ ٢٣٨)، و"الضعفاء الكبير" (٣/ ٢٧٣)، وأبو داود السجستاني كما في "السير" (٥/ ١٦٩)، و"الميزان" (٣/ ٢٦٤)، وابن عدي في "الكامل" (٥/ ١٧٦٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>