للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأدلة على صدقه قُبِل خبرهُ، وإنْ ظهرت الأدلة على كذبه رُد خبره، وإن (١) لم يتبين واحد من الأمرين وُقف خبره؛ وقد قَبِلَ النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- خبر الدليل المشرك الذي استأجره ليدله على طريق المدينة في هجرته لما ظهر له صدقه وأمانته (٢)؛ فعلى المسلم أن يتبع هدي النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في قبول الحق، ممن جاء به، من وليٍّ وعدو، وحبيب وبغيض، وبَرٍّ وفاجر، ويرد الباطل على من قاله كائنًا من كان، قال عبد اللَّه بن صالح: ثنا الليث بن سَعْد، عن ابن عَجْلان، عن ابن شِهَاب أن معاذ بن جبل كان يقول في مجلسه كل يوم قَلَّما يخطئه أن يقول ذلك: "اللَّه حكم قِسْط (٣)، هلك المرتابون، إن وراءكم فتنًا يكثر فيها المال، ويُفتح فيها القرآن، حتى يقرأه المؤمن والمنافق والمرأة والصبي والأسود والأحمر، فيوشك أحدهم أن يقول: [قد] (٤) قرأت القرآن، فما أظنُّ أن يتبعوني حتى أبتدع لهم غيره، فإياكم وما ابتدع، فإنَّ كلَّ بدعة ضلالة، وإياكم وزيغة الحكيم؛ فإنَّ الشيطان قد يتكلم على لسان الحكيم بكلمة الضلالة، وإنَّ المنافق قد يقول كلمة الحق، فتَلَقُّوا الحقَّ عن من جاء به، فإنَّ على الحق نورًا، قالوا: وكيف زَيْغة الحكيم؟ قال: هي الكلمة [تروعكم] (٥) وتنكرونها وتقولون: ما هذا؟! فاحذروا زيغته، ولا يصدَّنَّكم عنه، فإنه يوشك أن يفيء وأن يراجع الحق، وإن العلم والإيمان مكانهما إلى يوم القيامة" (٦).


(١) في (ق): "فإن".
(٢) أخرج خبر الدليل: البخاري (٢٢٦٣) في (الإجارة): باب استئجار المشركين عند الضرورة، و (٢٢٦٤) في باب إذا استأجر أجيرًا ليعمل له بعد ثلاثة أيام، و (٣٩٠٥) في (مناقب الأنصار): باب هجرة النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وأصحابه إلى المدينة، من حديث عائشة.
(٣) "حكم قسط: حكم عدل (ط)، وقال (ح): "القسط -بالكسر-: العدل، من المصادر الموصوف بها كالعدل، يستوي فيه الواحد والجمع".
(٤) ما بين المعقوفتين سقط من المطبوع.
(٥) ما بين المعقوفتين سقط من (ن).
(٦) علقه بن عبد البر في "الجامع" (١٨٧١) من هذا الطريق، وابن شهاب لم يسمع من معاذ.
وقد روي من طريق الزهري موصولًا، فقد رواه أبو نعيم في "الحلية" (١/ ٢٣٢) من طريق الوليد بن مسلم: حدثنا ابن عجلان، عن الزهري عن أبي إدريس الخولاني حدثه عن معاذ.
لكن رواه أبو داود (٤٦١١) في (السنة) باب لزوم السنة، وأبو نعيم في "الحلية" (١/ ٢٣٣) -ومن طريقه الذهبي في "السير" (١/ ٤٥٦) - والفسوي في "المعرفة والتاريخ" (٢/ ٣٢١) -ومن طريقهما البيهقي في "المدخل" (٨٣٤) - والفريابي في "صفة المنافق" =

<<  <  ج: ص:  >  >>