للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ممن أنفق من بعد الفتح وقاتل، فإنه أسلم بعد صلح الحديبية هو وعمرو بن العاص وعثمان بن طلحة الحَجَبي (١)، ثم إنه فعل مع بني جذيمة ما [تبرأ النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- منه] (٢)، حين رفع يديه إلى السماء، وقال: "اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد" (٣) ومع هذا فلم يعزله، وكان أبو ذر من أسبق السابقين وقال له (٤): "يا أبا ذر إنِّي أراك ضعيفًا، وإني أحب لك ما أحب لنفسي، لا تأمَّرنَّ على اثنين، ولا تولَّيَنَّ مال يتيم. قال نعم" (٥) وأمّر عمرو بن العاص في غزوة ذات السلاسل (٦)؛ لأنه كان يقصد أخواله بني عذرة؛ فعلم أنهم يطيعونه مَا لَا يطيعون غيره للقرابة؛ وأيضًا فلِحُسن سياسة عمرو وخبرته وذكائه ودهائه (٧)، فإنه كان من أدهى العرب؛ ودهاة العرب أربعة هو أحدهم، ثم أردفه بأبي عبيدة، وقال: "تَطَاوعا ولا تَخْتلفا" فلما تنازعا فيمن يُصلِّي سَلَّم أبو عبيدة لعمرو؛ فكان (٨) يصلي بالطائفتين وفيهم أبو بكر (٩)؛ وأمَّر أسامة بن زيد مكان أبيه لأنه -مع كونه خليقًا للإمارة- أحرص على


(١) "نسبة إلى حجابة البيت الحرام" (و) وفي (ك): "الجمحي".
(٢) في (ق): "تبرأ منه النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-".
(٣) أخرجه البخاري في "الصحيح" (كتاب الأحكام): باب إذا قضى الحاكم بجور أو خلاف أهل العلم؛ فهو رد، (٩/ ٩١)، قال (و): ". . . وكان خالد قد دعا بني جذيمة إلى الإسلام، فلم يحسنوا أن يقولوا: أسلمنا، فجعلوا يقولون: صبأنا صبأنا، فجعل خالد يقتل ويأسر" اهـ. وسقطت "إني" من (ك).
(٤) في (ق) بعدها: "النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-".
(٥) أخرجه مسلم في "صحيحه" (كتاب الإمارة): باب كراهة الإمارة بغير ضرورة (٣/ ١٤٥٧ - ١٤٥٨/ رقم ١٨٢٦)، وأبو داود في "السنن" (كتاب الوصايا): باب ما جاء في الدخول في الوصايا (رقم ٢٨٦٨)، والنسائي في "المجتبى" (كتاب الوصايا): باب النهي عن الولاية على مال اليتيم (٦/ ٢٥٥)، والبيهقي في "الكبرى" (٣/ ١٢٩ و ٦/ ٢٨٣) من حديث أبي ذر -رضي اللَّه عنه-.
(٦) تأمير عمرو بن العاص على غزوة ذات السلاسل: أخرجه البخاري (٣٦٦٢) في (فضائل الصحابة): باب قول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: لو كنت متخذًا خليلًا، و (٤٣٥٨) في (المغازي): باب غزوة ذات السلاسل، ومسلم (٢٣٨٤) في (فضائل الصحابة): باب من فضائل أبي بكر.
وانظر مفصلًا: "طبقات ابن سعد" (٢/ ١٣١)، و"دلائل النبوة" للبيهقي (٤/ ٣٩٧).
(٧) "الدهاء: جودة الرأي [والأدب] " (د) و (ط)، وما بين المعقوفتين زيادة (د) على (ط).
(٨) في (ق): "وكان".
(٩) أما قوله لأبي عبيدة، وعمرو بن العاص "تطاوعا. . . "؛ فرواه أحمد في "مسنده" (١/ ١٩٦) من طريق عامر بن شراحيل قال: بعث رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- جيش ذات السلاسل فذكره.
قال الهيثمي في "المجمع" (٦/ ٢٠٦): رواه أحمد، وهو مرسل ورجاله رجال الصحيح؛ لأن الشعبي لم يدرك القصة. =

<<  <  ج: ص:  >  >>