للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيه] (١)، والتفريق بين شهادة الابن لأبيه فتقبل، وشهادة الأب لابنه فلا تقبل، واختار ابن المنذر (٢) القبول كالأجنبي.

وأما شهادة أحدهما على الآخر فنصَّ الإمام أحمد على قبولها (٣)، وقد دل عليه القرآن في قوله [تعالى] (٤): {كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ} [النساء: ١٣٥].

وقد حكى بعض أصحاب أحمد عنه رواية ثانية أنها لا تقبل؛ قال صاحب "المغني": ولم أجد في "الجامع" -يعني "جامع الخلال"- خلافًا عن أحمد أنها تقبل (٥)، وقال بعض الشافعية: لا تقبل شهادة الابن على أبيه في قصاص ولا حدِّ قَذْف، قال: لأنه لا يُقْتل بقَتْله، ولا يُحدُّ بقذفه، وهذا قياسٌ ضعيفٌ جدًّا؛ فإن [الحد والقتل] (٦) في صورة المنع لكون المستحق هو الابن، وهنا المستحق أجنبي (٧).

ومما يدل على أن احتمال التهمة بين الولد ووالده لا يمنع (٨) قبول الشهادة أن شهادة الوارث لمورِّثه جائزة بالمال وغيره، ومعلوم أن تَطَرُّقَ التهمة السببية مثلُ تطرقها إلى [الوالد والولد] (٩)، وكذلك شهادة الابنين على أبيهما بطلاق ضَرَّةِ أُمِّهما جائزة، مع أنها شهادة للأم، ويتوفر حظها من الميراث، ويخلو لها وَجْه


(١) ما بين المعقوفتين سقط من (ق) و (ك).
(٢) قال في "الإقناع" (٢/ ٥٢٧): "فكل مسلم قِبله شهادةً، فعليه القيام بها، وعلى الحاكم قبولها منه على ظاهر كتاب اللَّه، وسواء كان الشاهد والد المشهود له أو ولده،. . . ".
(٣) انظر: "المغني" (١٠/ ١٨٦ - ١٨٧/ ٨٣٨٣)، و"الكافي" (٤/ ٥٢٨ - ٥٢٩).
(٤) ما بين المعقوفتين سقط من (ق).
(٥) نصه في "المغني" (١٠/ ١٨٦ - ١٨٧/ ٨٣٨٣): "وهذا [أي: القول بقبولها] قول عامة أهل العلم، ولم أجد عن أحمد في "الجامع" فيه خلافًا، ثم استدل بالآية السابقة، ثم قال: "فأمر بالشهادة عليهم، ولو لم تقبل لما أمر بها، ولأنها إنما ردت للتهمة في إيصال النفع، ولا تهمة في شهادته عليه. . . ".
(٦) في (ق): "القتل والحد".
قلت: أما الرواية التي نقلها ابن القيم -رحمه اللَّه- عن الإمام أحمد أنّها لا تقبل؛ فقد نسبها صاحب "المغني" حكاية عن القاضي في "المجرد"، ثم ردها ابن قدامة -رحمه اللَّه- فانظرها -إن شئت- في الموضع السابق.
(٧) وقول بعض الشافعية هذا رده ابن قدامة -أيضًا- في "المغني" فراجعه -إن شئت-. وانظر ما مضى (ص ٢٢٢).
(٨) في (ق): "تمنع".
(٩) في (ق): "الولد والوالد".

<<  <  ج: ص:  >  >>