للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الكذب في غير الشهادة: هل هو من الصغائر أو من الكبائر؟ على قولين هما روايتان عن الإمام أحمد، حكاهما أبو الحسين في "تمامه" (١)، واحتج مَنْ جعله من الكبائر بأن اللَّه [-سبحانه-] (٢) جعله في كتابه من صفات شَرِّ البريّة، وهم الكفار والمنافقون، فلم يصف به إلا كافرًا أو منافقًا، وجعله عَلَمَ أهلِ النار وشِعارَهم، وجعل الصدق عَلَم أهل الجنة وشعارهم.

وفي "الصحيح" من حديث ابن مسعود [قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-] (٣): "عليكم بالصدق؛ فإنه يهدي إلى البِرّ، وإنَّ البِرَّ يهدي إلى الجنة، وإن الرجل ليصْدُق حتى يكتب عند اللْه صدِّيقًا، وإياكم والكذب؛ فإن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار، وإن الرجل ليكذب حتى يكتب عند اللَّه كَذَّابًا" (٤).

وفي "الصحيحين" مرفوعًا: "آيَةُ المنافِقِ ثلاث: إذا حَدَّث كذب، وإذا وَعَدَ أخلف، وإذا ائْتُمِنَ خان" (٥)، وقال معمر، عن أيوب، عن [ابن] (٦) أبي مُليكة عن عائشة -رضي اللَّه عنها- قالت: "ما كان خُلُقٌ أبغض إلى الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- من الكذب، ولقد كان الرجل يكذب عنده الكذبة، فما تزال (٧) في نفسه حتى يعلم أنه قد أحدث منها توبة" (٨)،


(١) هو "كتاب التمام" لأبي الحسين ابن القاضي أبي يعلى، وقد نقل الروايتين عن الإمام أحمد؛ فالأولى: أنه كبيرة، والثانية: أنه صغيرة، انظر: كتابه هذا (٢/ ٢٥٨ - ٤٢٥).
(٢) ما بين المعقوفتين سقط من (ق).
(٣) في (ق): "أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال".
(٤) أخرجه البخاري في "الصحيح" (كتاب الأدب): باب قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ}، (٦٠٩٤)، ومسلم في "الصحيح" (كتاب البر والصلة): باب قبح الكذب (٢٦٠٧).
(٥) أخرجه البخاري في "الصحيح" (كتاب الإيمان): باب علامة المنافق، (١/ ٨٩/ رقم ٢٣)، ومسلم في "صحيحه" (كتاب الإيمان): باب بيان خصال المنافق، (١/ ٧٨ رقم ٥٩)، والترمذي في "الجامع" (أبواب الإيمان): باب ما جاء في علامة المنافق (رقم ٢٦٣١)، والنسائي في "المجتبى" (كتاب الإيمان): باب علامة المنافق، (٨/ ١١٧).
(٦) ما بين المعقوفتين سقط من (ق) و (ك).
(٧) في (ق): "يزال".
(٨) أخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (٢٠١٩٥)، ومن طريقه أحمد (٦/ ١٥٢)، والترمذي في (كتاب البر والصلة): باب ما جاء في الصدق والكذب (١٩٧٣)، وابن حبان (٥٧٣٦)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (١٠/ ١٩٦)، والبغوي (٣٥٧٦) عن معمر به؛ لكن عند عبد الرزاق وأحمد: "عن ابن أبي مليكة أو غيره" على الشك.
ورواه ابن عدي (٦/ ٢٢٩٢) من طريق محمد بن عبد الرحمن بن غزوان، عن حماد عن أيوب عن ابن أبي مليكة به. ومحمد هذا متهم بوضع الحديث.

<<  <  ج: ص:  >  >>