للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

روايتان، بل إنما مَنعَ من شهادة المتهم في قرابته وولائه (١)؛ وقال أبو عبيد: حدثني يحيى بن بُكَيْر، عن ابن لهيعة، عن يزيد بن أبي حَبيب، أن عمر بن عبد العزيز كتب أنه تجوز شهادة الولد لوالده (٢). وقال إسحاق بن راهويه (٣): لم تزل قُضَاة الإسلام على هذا، وإنما قُبلَ قولُ الشاهد لِظنِّ صدقه، فإذا كان مُتَّهمًا عارضت التُّهمةُ الظَّنَّ؛ فبقيت البراءة الأصلية [ليس] لها (٤) معارض مقاوم.

[فصل [شهادة مستور الحال]]

وقوله: "فإن اللَّه تبارك وتعالى تولى من العباد (٥) السرائر، وستر عليهم الحدود إلا بالبينات" يريد بذلك أن من ظهرت لنا منه علانية خيرٍ قبلنا شهادته ووكلنا سَرِيرَتَه إلى اللَّه [سبحانه] (٦)، فإن اللَّه [سبحانه] (٧) لم يجعل أحكام الدنيا على السرائر، بل على الظواهر، والسرائر تبع لها، وأما أحكام الآخرة فعلى السرائر، والظواهر تبع لها.

وقد احتج بعض أهل العراق بقول عمر هذا على قبول شهادة كل مسلم لم تظهر منه ريبة وإن كان مجهول الحال (٨)؛ فإنه قال: "والمسلمون عدول بعضهم على بعض" ثم قال: "فإن (٩) اللَّه [تعالى] (٧) تَوَّلى من عباده السرائر، وسَتَر عليهم الحدود" ولا يدلُّ كلامه على هذا المذهب، بل قد روى أبو عبيد: ثنا الحَجَّاج، عن المسعودي، عن القاسم بن عبد الرحمن قال: [قال] (٧) عمر بن الخطاب: لا


(١) في (ك) و (ق): "وولايته".
(٢) رواته ثقات لكن ابن لهيعة في روايته ضعف من غير رواية العبادلة عنه وهذه منها، وروى عبد الرزاق في "المصنف" (١٥٤٧٥) -ومن طريقه ابن حزم في "المحلّى" (٩/ ٤١٦) - عن معمر عن عبد اللَّه بن عبد الرحمن الأنصاري قال: "أجاز عمر بن عبد العزيز شهادة الابن لأبيه إذا كان عدلًا".
(٣) انظر: "المحلى" (٩/ ٤١٦) ووقع في (ق): "لم يزل".
(٤) ما بين المعقوفتين من (ق) فقط.
(٥) في (ن): "العبد".
(٦) ما بين المعقوفتين سقط من (و) و (ق) و (ك).
(٧) ما بين المعقوفتين سقط من (ق).
(٨) انظر المجهول وأحكامه في البيوع وغيرها في "بدائع الفوائد" (٣/ ٢٠٩ و ٤/ ٢٣، ٥١)، و"إغاثة اللهفان" (١/ ١٦٤، ١٦٧، ١٧٦، ١٧٧، ١٧٨).
(٩) في (ق): "إن".

<<  <  ج: ص:  >  >>