للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحد من الصحابة، بل كانوا متفقين على القول بالقياس، وهو أحد أصول الشريعة، ولا يستغني عنه فقيه.

[[إشارات القرآن إلى القياس]]

وقد أرشد اللَّه [تعالى] (١) عباده إليه في غير موضع عن كتابه، فقاس (٢) النَّشْأة الثانية على النشأة الأولى في الإمكان، وجعل النشأة الأولى أصلًا والثانية فرعًا عليها؛ وقاس حياة الأموات بعد الموت على حياة الأرض بعد موتها بالنبات؛ وقاس الخلق الجديد الذي أنكره أَعداؤه على خلق السماوات والأرض، وجعله من قياس الأَوْلَى [كما جعل قياس النشاة الثانية على الأُوْلى من قياس الأَوْلى؛ وقاس] (٣) الحياة بعد الموت على اليقظة بعد النوم، وضرب الأمثال، وصَرَّفها في الأنواع المختلفة، وكلها أقيسة عقلية يُنبِّه بها عبادَهُ على أن حُكم الشَّيءِ حُكْمُ مثله، فإن الأمثال كلها قِياسات يُعلم منها حكم المُمثَّل عن الممثَّل به؛ وقد اشتمل القرآن على بضعة وأربعين مثلًا تتضمن تشبيه الشيء بنظيره والتسوية بينهما في الحكم.

وقال تعالى: {وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ} [العنكبوت: ٤٣]؛ فالقياس وضرب (٤) الأمثال من خاصة العقل، وقد رَكَّز اللَّه في فِطَر الناس وعقولهم التسويَةَ بين المتماثلين وإنكار التفريق بينهما، والفرق بين المختلفين وإنكار الجمع بينهما.

[[مدار الاستدلال]]

قالوا: ومَدَارُ الاستدلال جميعه على التسوية بين المتماثلين والفرق بين المختلفين؛ فإنه إما استدلال بمعين على معين، أو بمعين على عام، أو بعام على عام، [أو بعامٍّ على معيِّنٍ] (٥)، فهذه الأربعة هي مَجَامِعُ ضروب الاستدلال.


(١) ما بين المعقوفتين سقط من (ق).
(٢) في (ق) بعدها: "سبحانه".
(٣) بدل ما بين المعقوفتين في (ق): "وقياس"، وبدل "قاس" في (ك): "وقياس".
(٤) في المطبوع: "في ضرب".
(٥) في المطبوع: "أو بعام على معين، أو بعام على عام، بتقديم وتأخير" وما بين المعقوفتين سقط من (ق).

<<  <  ج: ص:  >  >>