للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[[عودة إلى أمثلة من القياس في القرآن]]

ومنه قوله تعالى: {بَلْ كَذَّبُوا بِمَا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ [فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ] (١)} [يونس: ٣٩]، فاخبر أن مَنْ قَبْلَ المُكذِّبين (٢) أصلٌ يُعْتبر به، والفرع نفوسهم، فإذا ساووهم في المعنى ساووهم في العاقبة.

ومنه قوله تعالى: {إِنَّا أَرْسَلْنَا إِلَيْكُمْ رَسُولًا شَاهِدًا عَلَيْكُمْ كَمَا أَرْسَلْنَا إِلَى فِرْعَوْنَ رَسُولًا (١٥) [فَعَصَى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ فَأَخَذْنَاهُ أَخْذًا] (٣) وَبِيلًا (١٦)} [المزمل: ١٥، ١٦] فأخبر [سبحانه] (٤) أنه أرسل محمدًا [-صلى اللَّه عليه وسلم- لينا] (٤) كما أرسل موسى إلى فرعون، وأن فرعون عصى رسوله فأخذه أخذًا وبيلًا، فهكذا مَنْ عصى منكم محمدًا -صلى اللَّه عليه وسلم- (٥)، وهذا في القرآن كثير جدًّا (٦)، فقد فُتح لك بابه.

[فصل [قياس الدلالة]]

وأما قياس الدَّلَالة فهو الجمع بين الأصل والفَرْعِ بدليل العلة ومَلْزَومها؛ ومنه قوله تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ خَاشِعَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ إِنَّ الَّذِي أَحْيَاهَا لَمُحْيِ الْمَوْتَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [فصلت: ٣٩]، فدَّل [سبحانه] (٧) عباده بما أراهم من الإحياء الذي تحققَّوهُ وشاهَدوه على الإحياء الذي استبعدوه، وذلك قياس إحياءٍ على إحياء، واعتبارُ الشيء بنظيره؛ والعلة الموجِبة هي عموم قدرته [سبحانه] (٧)، وكمال حكمته؛ وإحياء الأرض دليل العلة.

ومنه قوله تعالى: {يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَيُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَكَذَلِكَ تُخْرَجُونَ} [الروم: ١٩]، فدلَّ بالنظير على النظير، وقَرَّبَ أحَدَهما من


(١) بدل ما بين المعقوفتين في (ق): "الآية".
(٢) العبارة في (ق): "من قبل من المكذبين".
(٣) بدل ما بين المعقوفتين في (ق): "إلى قوله".
(٤) سقطت من (ق).
(٥) زاد بعده في (ن): "ومنه قوله: {يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ} ".
ووقع في (ق): "وأخذه أخذًا وبيلًا".
(٦) في (ق): "وهذا كثير في القرآن جدًّا".
(٧) ما بين المعقوفتين سقط من (ق).

<<  <  ج: ص:  >  >>