للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأحكام الدنيا على الإسلام، وأحكام الآخرة على الإيمان" (١).

واستَخْلَص من ذلك أسرارَ الشرع في جملة مسائل، ذكر الراجح عنده فيها، وناقش كلامًا للشافعي، ووجهه على ما ذكره آنفًا، موردًا عليه أجوبة علمية تظهر أسرار الشرع وحكمه، مزيلًا ما قد يحصل تشويش على الذي قعّده بسببه، وأظهر في هذه المسائل أقوال المذاهب وسبب اختلافهم، وأدلتهم، ومناقشاتهم ورجح فيها أنه متى "قام دليل على الباطن لم يلتفت إلى ظاهر قد عُلم أن الباطن بخلافه" (٢)، وبناءً عليه فرق بين توبة الكافر الأصلي وتوبة الزنديق، وعدم توبة الأخير إلا إن ظهر منه حسن الإسلام، وتوبة نصوح قبل رفعه إلى السلطان، ثم تعرض لـ (الشروط وأثرها على العقد) ورد قول من قال إن الشرط المتقدم لا يؤثر شيئًا، وقال عنه: "وهل هذا إلا فتح لباب الحيل؟ بل هو أصل الحيل وأساسها" (٣) وهو أقرب الوسائل والذرائع إلى حصول ما قصد الشارع عدمه وإبطاله.

- سد الذرائع وتوظيفه للمنع من الحيل:

ومن ثم تعرض لقاعدة سد الذرائع، بتأصيل على وجه بديع غاية، قال في (٣/ ٥٥٢): "ونحن نذكر قاعدة سد الذرائع ودلالة الكتاب والسنة وأقوال الصحابة والميزان الصحيح عليها" وذكر تحتها أنواع الوسائل (٤)، وحكم كل نوع، وقرر أنه لا يجوز الإتيان بفعل يكون وسيلة إلى حرام، وإن كان جائزًا، واستدل على ذلك من تسعة وتسعين وجهًا (٥).

قال في (٤/ ٦٥): "ولنقتصر على هذا العدد من الأمثلة الموافق لأسماء اللَّه الحسنى التي مَنْ أحصاها دخل الجنة، تفاؤلًا بأنه من أحصى هذه الوجوه وعلم أنها من الدين وعمل بها دخل الجنة؛ إذ قد يكون قد اجتمع له معرفة أسماء الرب تعالى ومعرفة أحكامه، وللَّه وراء ذلك أسماء وأحكام".

وقال أيضًا:

"وباب سد الذرائع أحد أرباع التكليف؛ فإنه أمر ونهي، والأمر نوعان؛ أحدهما: مقصود لنفسه، والثاني: وسيلة إلى المقصود، والنهي نوعان: أحدهما:


(١) انظر: (٣/ ٥٤٢).
(٢) (٣/ ٥٤٨).
(٣) (٣/ ٥٥١).
(٤) هنا ينتهي المجلد الثالث من نشرتنا.
(٥) انظرها في: (٤/ ٥ - ٦٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>