للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شَقًّا (٢٦) [فَأَنْبَتْنَا فِيهَا حَبًّا (٢٧) وَعِنَبًا وَقَضْبًا (٢٨) وَزَيْتُونًا وَنَخْلًا (٢٩) وَحَدَائِقَ غُلْبًا] (١) (٣٠) وَفَاكِهَةً وَأَبًّا (٣١)} [عبس: ٢٤ - ٣١]؛ فجعل سبحانه نَظَره في إخراج طعامه من الأرض دليلًا على إخراجه هو منها بعد موته، استدلالًا بالنظير على النظير.

ومن ذلك قوله سبحانه ردًا (٢) على الذين [قالوا: {(وَقَالُوا)] (٣) أَإِذَا كُنَّا عِظَامًا وَرُفَاتًا أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقًا جَدِيدًا (٤٩)} [الإسراء: ٤٩]، {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ} [الإسراء: ٩٩]، أي: مثلَ هؤلاءِ المكذِّبين، والمراد به النشأة [الثانية] (٤)، وهي الخلق الجديد، وهي المثل المذكور في غير موضع، وهم [هم] (٤) بأعيانهم، فلا تنافي في شيء من ذلك، [بل هو الحق] (٥) الذي دل عليه العقل والسَّمْع، ومَنْ لم يفهم ذلك حَق فهمه تخبَّطَ عليه أمرُ المعاد، وبقي منه في أمر مَرِيج؛ والمقصودُ أنه دَلَّهم [سبحانه] (٦) بخلق السموات والأرض على الإعادة والبَعث، وأكد هذا القياسَ بضرب من الأَوْلى، وهو أن خلق السَّموات والأرض أكْبرُ من خلق الناس، فالقادر على خلق ما هو أكبر وأعظم منكم أقْدَر على خلقكم، وليس أول الخلق بأهْوَنَ عليه من إعادته، فليس مع المكذبين بالقيامة إلا مجردُ تكذيب اللَّه ورُسُله وتعجيز قدرته، ونسبة علمه إلى القصور، والقدح في حكمته؛ ولهذا يخبر [اللَّه] (٦) سبحانه عمن أنكر ذلك بأنه كافر بربه (٧)، جاحد له، لم يُقِرَّ بربِّ العالمين فاطِرِ السموات والأرض (٨) كما قال تعالى: {وَإِنْ تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ أَإِذَا كُنَّا تُرَابًا أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ} [الرعد: ٥]، وقال المؤمن للكافر الذي قال: {وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْرًا مِنْهَا (٩) مُنْقَلَبًا (٣٦)} [الكهف: ٣٦]؛ فقال له: {أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلًا (٣٧)} [الكهف: ٣٧]، فمنكر المعاد كافر برب العالمين وإن زعم أنه مُقِر به.

ومنه قوله تعالى: {قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ اللَّهُ يُنْشِئُ


(١) بدل ما بين المعقوفتين في (ق): "إلى قوله".
(٢) في (ك): "رادًا".
(٣) بياض في (ك) وفى الهامش: "لعله: أنكروا البعث" وما بين الهلالين سقط من (ق).
(٤) ما بين المعقوفتين سقط من (ق) و (ك).
(٥) في (ق) و (ك): "بالحق".
(٦) ما بين المعقوفتين سقط من (ق).
(٧) في (ق): "به".
(٨) انظر: "بدائع التفسير" (٣/ ٨٢ - ٨٣).
(٩) "منها: الضمير يعود على الجنة، وقرأ نافع والشامي وابن كثير "منهما" أي: من الجنتين" (ط) و (خ).

<<  <  ج: ص:  >  >>