للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أظهر في بطلان الشرك، وأوضح عند المخاطب، وأعظم في إقامة الحجة، وأقرب نسبًا بقوله: {وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَمْلِكُ لَهُمْ رِزْقًا مِنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ شَيْئًا وَلَا يَسْتَطِيعُونَ (٧٣) فَلَا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثَالَ [إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ] (١)} [النحل: ٧٣، ٧٤]؛ ثم قال: {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا عَبْدًا مَمْلُوكًا لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ} ومن لوازم هذا المثل وأحكامه أن يكون المؤمن الموحِّد كمن رزقه منه رزقًا حسنًا، و [الكافر] (٢) المشرك كالعبد المملوك الذي لا يقدر على شيء، فهذا مما نَبَّه عليه المثل وأرشد إليه، فذكره ابن عباس مُنَبِّهًا [به] (٣) على إرادته لا (٤) أن الآية اختصَّت [به] (١)، فتأمله فإنك تجده كثيرًا في كلام ابن عباس وغيره من السلف في فهم القرآن، فيظن الظان أن ذلك هو معنى الآية التي لا معنى لها غيره فيحكيه قوله (٥).

فصل [مثل ضَرَبَه اللَّه لنفسه]

وأما المثل الثاني فهو مثل ضربه اللَّه [سبحانه وتعالى] لنفسه ولما يُعبد (٦) من دونه أيضًا، فالصنم الذي يعبد من دونه بمنزلة رجل أبكم لا يعقل ولا ينطق، بل هو أبكم القلب [واللسان] (٧)، قد عدم النطق القلبي واللساني، ومع هذا فهو عاجز لا يقدر على شيء البتّة، ومع هذا فأينما أرسلته لا يأتيك بخير، ولا يقضي لك حاجة، واللَّه سبحانه حي قادر متكلم، يأمر بالعدل، وهو على صراط مستقيم، وهذا وصف له بغاية الكمال والحمد، فإن أمره بالعدل -وهو الحق- يتضمن أنه سبحانه عالم به، مُعلِّم به (٨)، راض به، آمرٌ لعباده به، محبٌّ لأهله، لا يأمر بسواه، [بل تنزَّه عن ضدِّه الذي هو الجور والظلم والسّفه والباطل، بل أمره] (٩) وشرعه عدلٌ كله، وأهل العدل هم أولياؤه وأحباؤه، وهم المجاورون له عن يمينه على منابر من نور (١٠)،


(١) ما بين المعقوفتين سقط من (ق).
(٢) ما بين المعقوفتين سقط من (ن).
(٣) سقطت من المطبوع.
(٤) في (ك): "لأن".
(٥) انظر في هذا "الموافقات" (٣/ ٥١٤) للشاطبي.
(٦) في (ن): "يعبدون". وفي (ك): "يعبدون هم". وما بين المعقوفتين قبلها سقط من (ق).
(٧) ما بين المعقوفتين سقط من (ق).
(٨) في (ق): "له".
(٩) ما بين المعقوفتين سقط من (ق) و (ك).
(١٠) يشير المصنف إلى قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إن المقسطين عند اللَّه عز وجل على منابر من نور عن يمين الرحمن، وكلتا يديه يمين، الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وما ولوا". =

<<  <  ج: ص:  >  >>