للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التي (١) تبقى ثناياه إلى أن تخرج رَبَاعيته (٢)، وقال الزجاج: خلد وأخلد، وأصله من الخلود وهو الدوام والبقاء (٣)، ويقال: أخلد فلان بالمكان: إذا أقام به، قال مالك بن نُوَيْرَة (٤):

بأبناء حَيٍّ من قَبائِلِ مالكٍ ... وَعَمرو بْنِ يَرْبُوع أقاموا فأخْلَدُوا (٥)

قلت: ومنه قوله [تعالى] (٦): {يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ} [الواقعة: ١٧]؛ أي قد خلقوا للبقاء؛ [لذلك] (٧) لا يتغيرون ولا يكبرون، وهم على سن واحد [أبدًا] (٧)، وقيل: هم المقَرَّطُون في آذانهم والمسَوَّرُون في أيديهم، وأصحاب هذا القول فسَّرُوا اللفظة ببعض لوازمها، وذلك أمارة التخليد (٨) على ذلك السن، فلا تنافي بين القولين.

[[اتبع هواه]]

وقوله: {وَاتَّبَعَ هَوَاهُ} قال الكلبي: اتبع مسافلَ الأمور وترك مَعَاليها، وقال أبو روق (٩): اختار الدنيا على الآخرة، وقال عطاء: أراد الدنيا وأطاع شيطانه،


(١) في (ق): "الذي".
(٢) انظر: "مجاز القرآن" (١/ ٢٣٣) لأبي عبيدة، ففيه نحوه.
(٣) قول الزجاج في "معاني القرآن وإعرابه" (٢/ ٣٩١): "ومعناه: ولكنه سكن إلى الدنيا، يقال: أخلد فلان إلى كذا وكذا، وخلد إلى كذا وكذا، وأخلد أكثر في اللغة، والمعنى أنه سكن إلى لذات الأرض"، ونقله عنه ابن الجوزي في "زاد المسير" (٣/ ١٩٧).
وفي (ق) و (ك): "تخلَّد وأخلد" ووقع بعدها "ويقال".
(٤) في (ق) زيادة كلمة "شعرًا".
(٥) البيت لمالك بن نويرة من قصيدة عدتها ٢٦ بيتًا في "الأصمعيات" (١/ ٢٥) وقبله في أولها:
إلَّا أَكُنْ لاقَيْتُ يَوْمَ مُخَطِطٍ ... فَقَدْ خَبَّرَ الرُكْبانُ ما أَتَوَدَّدُ
أَتانِي بِنَقْرِ الخُبْرِ ما قَدْ لَقِيتُهُ ... رَزِينٌ وَرَكْبٌ حَوْلَهُ مُتَصَعِّدُ
يُهِلُّونَ عُمّارًا إذا مَا تَغَوَّرُوا ... وَلاقَوْا قُرَيْشًا خَبَّرُوهَا فَأَنْجَدُوا
والشاهد في قوله: "فأخلدوا" أي: أقاموا، كالشاهد قبله".
ووقع في (ق) و (ك): "وأخلدوا".
(٦) ما بين المعقوفتين سقط من (ق).
(٧) ما بين المعقوفتين سقط من (ن)، وفي (ق) و (ك): "كذلك".
(٨) في (ق) و (ك): "وذلك إشارة إلى الخليد".
(٩) هو الإمام المحدث المفسر عطية بن الحارث (ت ١٠٥ هـ)، روى عن الضحاك بن مزاحم، وعكرمة وغيرهما، وروى له أصحاب السنن الأربعة، عدا الترمذي، انظر =

<<  <  ج: ص:  >  >>