للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومَهَابته، ويعرفون كذبَ الكاذب بضد ذلك؛ ولا يخفى ذلك إلا على ضعيف البصيرة.

وسئل بعضُهم عن كلام سَمِعَه من مُتكلِّم به، فقال: واللَّه ما فهمتُ منه شيئًا، إلا أني رأيتُ لكلامه صَوْلَةً ليست بصَوْلة مُبْطِل، فما مُنِحَ العبدُ منحةً أفْضَلَ من منحة القول الثابت، ويجد أهلُ القول الثابت ثمرته أحوجَ ما يكونون إليه في قبورهم ويوم مَعَادهم، كما في "صحيح مسلم" من حديث البَرَاء بن عازب عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أن هذه الآية (١) نَزَلت في عذاب القبر (٢).

[[سؤال القبر والتثبيت فيه]]

وقد جاء [هذا] (٣) مُبيَّنًا في أحاديث صحاح؛ فمنها ما في "المسند" من حديث داود بن أبي هند، عن أبي نَضْرَة، عن أبي سعيد قال: "كنا مع النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في جنازة، فقال: يا أيها الناس إنّ هذه الأمة تُبْتَلَى (٤) في قبورها، فإذا الإنسان دُفن وتَفرَّق عنه أصحابه جاءه مَلَكٌ بيده مِطْرَاق فأقعده، فقال: ما تقول في هذا الرجل؟ فإن كان مؤمنًا قال: أشهد أن لا إله إلا اللَّه وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، فيقول له: صدقتَ، فيُفتح له بابٌ إلى النار فيُقال له: هذا منزلك لو كَفَرْتَ بربِّك، فأما إذا آمنتَ فإنَّ اللَّه أبْدَلَكَ به هذا، ثم يُفتح له بابٌ إلى الجنة، فيريد أن ينهض له، فيُقال له: اسْكُنْ، ثم يُفْسَح له في قبره، وأما الكافر والمنافق؛ فيُقال له: ما تقول في هذا الرجل؟ فيقول: لا أدري، فيقال له: لا دَرَيْتَ ولا اهْتَدَيْتَ، ثم يُفتح له بابٌ إلى الجنة، فيُقال له: هذا منزلك لو آمَنْتَ بربك، فأما إذا كفرتَ، فإن اللَّه أبدلك به هذا، ثم يُفتح له بابٌ إلى النار، ثم يقمعه المَلَكُ بالمطراق قمعةً يسمعه خلقُ اللَّه كلهم إلا الثقلين، قال (٥) بعض أصحابه: يا رسول اللَّه، ما مِنَّا من أحد يقوم على رأسه مَلَكٌ بيده مِطْرَاق إلا


(١) في (ك) و (ق): "الآيات"، وأشار في هامش (ق) إلى أنه في نسخة ما أثبتناه.
(٢) هو في "صحيح مسلم" (كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها): باب عرض مقعد الميت من الجنة أو النار عليه، (٥/ ٧٢٢ - ٧٢٣/ ٢٨٧١)، وراجع "صحيح البخاري" (كتاب الجنائز): باب ما جاء في عذاب القبر، (٣/ ٢٧٤).
(٣) ما بين المعقوفتين سقط من (ق) و (ك).
(٤) في (ك): "تفتن".
(٥) في (ق): "قال قال" بالتكرار.

<<  <  ج: ص:  >  >>