للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتزعجه [وتقلقه] (١) إلى مَظَانِّ هلاكه (٢)؛ فكل شيطانٍ له مزعة من دِينِه وقلبه، كما أن لكل طير مزعة من لحمه وأعضائه، والريح التي تهوي به في مكان سحيق هو هَوَاه الذي يحمله على إلقاء نفسه في أسفلِ مكانٍ وأبعدِه من السماء.

فصل [قدرة الذين يدعوهم المشركون من دون اللَّه]

ومنها قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ [وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لَا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ (٧٣) مَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ] (٣) إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (٧٤)} [الحج: ٧٣، ٧٤]، حقيق على كل عبد أن يستمع قلبُه لهذا المثل، ويتدبره حقَّ تدبره، فإنه يقطع مواردَ (٤) الشرك من قلبه، وذلك أن المعبود أقلُّ درجاته أن يقدِرَ على إيجاد ما ينفع عابدَه وإعدام ما يضرُّه، والآلهةُ التي يعبدها المشركون من دون اللَّه لن تقدرَ على خَلْق الذباب (٥) ولو اجتمعوا كلهم لخلقه، فكيف ما هو أكبر [منه] (٦)؟ ولا يقدرون على الانتصار من الذباب إذا سَلَبهم شيئًا مما عليهم من طِيب ونحوه فيستنقذوه منه، فلا هم قادرون على خلَقْ الذباب الذي هو من أضعفِ الحيواناتِ ولا على الانتصار منه واسترجاع ما سَلَبهم (٧) إياه، فلا أعْجَزَ من هذه الآلهة، ولا أضعف منها، فكيف يَستحسن عاقلٌ عبادتها من دون اللَّه؟ وهذا المثلُ من أبلغ ما أنزل اللَّه [سبحانه في بُطْلَان الشرك] (٨)، وتجهيل أهله، وتقبيح عقولهم، والشهادة على أن الشيطان قد تَلاعَبَ بهم أعْظَمَ من تلاعب الصبيان بالكرة حيث أعْطَوا الإلهيِّة التي مِنْ بعض لوازمها القدرةُ على جميع المقدورات، والإحاطة بجميع المعلومات، والغنى عن جميع المخلوقات، وأن يُصْمدَ (٩) إلى الربِّ في جميع الحاجات، وتفريج الكُرُبات، وإغاثة اللهفات،


(١) ما بين المعقوفتين سقط من (ن)، وفي (ق) و (ك): "تؤزه أزًا وتزعجه وتقله".
(٢) في (ن): "مهالكه".
(٣) بدل ما بين المعقوفتين في (ق): "إلى قوله".
(٤) في (ق): "مواد".
(٥) في (ق): "ذباب".
(٦) ما بين المعقوفتين سقط من (ق) و (ك).
(٧) في (ك) و (ق): "يسلبهم".
(٨) في (ق): "أنزل اللَّه في تبطيل الشرك".
(٩) في (ق) و (ك): "تعتمد".

<<  <  ج: ص:  >  >>