للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قطعي ليس من مسالك الاجتهاد" (١) و"قد اتفق السلف على أنها بدعة محدثة" (١).

- مسائل الخلاف ومسائل الاجتهاد:

وذكر هنا أصلًا على وجه الاستطراد، بيَّن فيه خطأَ إطلاق قوله (مسائل الخلاف لا إنكار فيها) (٢)، وفرق بين (مسائل الاجتهاد) و (مسائل الخلاف)، وقال في (٤/ ٢٤٣): "وإنما دخل هذا اللبس (أي قولهم: مسائل الخلاف لا إنكار فيها) من جهة أن القائل يعتقد أن مسائل الخلاف هي مسائل الاجتهاد، كما اعتقد ذلك طوائف من الناس، ممن ليس لهم تحقيق في العلم".

وتقرير هذا الأصل اليوم مهم، ويعمل على تقويم تلك العبارة الشائعة القائلة "ليعاون بعضنا بعضًا فيما اتفقنا عليه، وليعذر بعضنا بعضًا فيما اختلفنا فيه" (٣) فالإعذار إنما يكون في (المسائل الاجتهادية) لا (الخلافية)، فيزاد في آخرها "مما له وجه"، ويجب على قائلها ألا يطرح البحث والنظر في الراجح، ويتكئ على الخلاف، ويبقى راتعًا في جهله، نعم، الواجب عدم التشنيع على المخالف، والتعنيف له في المسائل الاجتهادية، ولكن مع المناصحة واتباع الدليل والسعي لإزالة الخلاف إن أمكن.

ثم قال المصنف بعد ذلك في (٤/ ٢٤٨): "فلنرجع إلى المقصود، وهو بيان بطلان هذه الحيل على التفصيل. . . " وأخذ في سرد حيل الوقف والأيمان وإسقاط حق الحضانة، وجعل تصرفات المريض نافذة، والسَّلَم، والشفعة، وتفويت حق القسمة، والمزارعة، والهبة، والوصية، والميراث، والأروش وإسقاط الحدود: السرقة، والزنا؛ والنكاح، والبنيان، والضمان، والظهار، والإيلاء، والزكاة، والبيع، والطلاق، ثم ذكر أعاجيب متناقضات أرباب الحيل، وقاعدة في أقسام الحيل ومراتبها، وذكر من هؤلاء (السراق)، وقال عنهم: "وهم أنواع لا تحصى، فمنهم السراق بأيديهم، ومنهم السراق بأقلامهم، ومنهم السراق بأماناتهم، ومنهم السراق بما يظهرونه من الدين والفقر والصلاح والزهد، وهم في الباطن بخلافه،


(١) انظر: (٤/ ٢٤١).
(٢) نقل كلامَ المصنِّف بالجملة مع مقدمات وتتمات لهذه المسألة جمعٌ من المعاصرين، وأفردوه برسائل مستقلة، مثل: "حجج الأسلاف في بيان الفرق بين مسائل الاجتهاد ومسائل الخلاف" و"الاختلاف وما إليه" وغيرهما.
(٣) لأخينا الفاضل الدكتور حمد العثمان "زجر المتهاون بضرر قاعدة المعذرة والتعاون"، فانظره، فإنه مفيد.

<<  <  ج: ص:  >  >>