للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واستشكل صاحبُ "الكشاف" وجماعة معه هذا القول، وقالوا: قوله: {إِلَّا دُعَاءً وَنِدَاءً} لا يساعد عليه؛ لأن الأصنام لا تسمع دعاءً ولا نداءً (١).

وقد أجيب عن هذا الاستشكال (٢) بثلاثة أجوبة:

أحدها: أن "إلا" زائدة، والمعنى بما لا يسمع دعاء ونداء، قالوا: وقد ذكر ذلك الأصمعيُّ في قول الشاعر:

حَرَاجِيحُ ما تَنْفَكُ إلَّا مُنَاخَةً (٣)

أي: ما تنفك مُنَاخة، وهذا جواب فاسد، فإن "إلا" لا تزاد في الكلام.

الجواب الثاني: أن التشبيه وقَعَ في مطلق الدعاء لا في خصوصيات المدعو.

الجواب الثالث: [أن المعنى] (٤) أن مَثَل هؤلاء في دعائهم آلهتَهم التي لا تفقَه دعاءهم كمثل الناعِقِ بغنمه، فلا ينتفع من نعيقه (٥) بشيء، غير أنه هو في دعاء ونداء. وكذلك (٦) المشركُ ليس له من دعائه وعبادته إلا العَنَاء.

وقيل: المعنى: ومَثَلُ الذين كفروا كالبهائم التي لا تَفْقَهُ مما (٧) يقول الراعي أكْثَرَ من الصوت؛ فالراعي هو داعي الكُفَّار، والكفار هم البهائم المَنْعوق بها.

[قال سيبويه: [المعنى] (٨): ومثلكَ يا محمد ومَثلُ [الذين كفروا] (٩) كمثل الناعق والمنعوق به] (١٠)؛ وعلى قوله فيكون [المعنى] (٨): ومثل الذين كفروا ودَاعيهم كمثل الغنم والناعق بها.


(١) انظر: "الكشاف" (١/ ١٠٧) للزمخشري.
(٢) في (ق): "الإشكال".
(٣) "هذا صدر بيت لذي الرمة يصف إبلًا، وعجزه قوله:
"على الخسف أو نرمي بها بلدًا قفرا" (د)، ونحوه في (و)، ونحو الشطر الأول في (ط).
قلت: والشعر في "ديوان ذي الرمة" (٣/ ١٤١٩)، ونسبه له سيبويه في "كتابه" (٣/ ٤٨) وغيره. ووقع في (ن) و (ك): "حوايج" بدلًا من "حراجيج".
(٤) ما بين المعقوفتين سقط من (ق).
(٥) في (ن) و (ك) و (ق): "بنعيقه".
(٦) في (ق): "وكذا".
(٧) في (ق): "ما".
(٨) ما بين المعقوفتين سقط من (ق) و (ك).
(٩) في (ق): "الكفار".
(١٠) قال سيبويه في "الكتاب" (١/ ٢١٢) ما نصه: "فلم يشبَّهوا بما يَنْعقُ، وإنما شُبِّهوا بالمنعوق به. وإنما المعنى: مثلكم ومثل الذين كفروا، كمثل الناعق والمنعوق به الذي لا يسمع، ولكنه جاء على سعة الكلام والإيجاز؛ لعلم المخاطبَ بالمعنى".
وقول سيبويه هذا كله سقط من (ك).

<<  <  ج: ص:  >  >>