للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واحدٍ (١)، قد سَلَّم (٢) له، وعلم مَقَاصده، وعرفَ الطَّريقَ إلى رضاه، فهو في راحة من تشاحُنِ الخُلَطاء فيه، بل هو سالم لمالكه من غير تنازع فيه، مع رأفة مالكه به، ورحمته له، وشفقته عليه، وإحسانه إليه، وتولِّيه (٣) لمصالحه، فَهَل يستويان هَذَان العَبْدان؟

وهذا من أبلغ الأمثال: فإنَّ الخالصَ لمالكٍ واحدٍ يستحق (٤) من مَعُونته وإحسانه والتفاته (٥) إليه وقيامه بمصالحه ما لا يستحق صاحبُ الشركاء [المتشاكسين] (٦) الحمد للَّه، بل أكثرهم لا يعلمون (٧).

فصل [مَثَلَ للكفار ومَثَلان للمؤمنين]

ومنها قوله تعالى: {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ [كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ (١٠)] (٨) وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ [إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (١١) وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ] (٩)} [التحريم: ١٠ - ١٢]، فاشتملت هذه الآيات على ثلاثة أمثال: مَثَل للكفار، ومَثلين للمؤمنين.

[[مثل الكافر]]

فتضمَّن مَثلُ الكُفَّار: أنَّ الكافر يُعاقَبُ على كفره وعداوته للَّه ورسوله وأوليائه، ولا ينفعه مع كفره ما كان بينه وبين المؤمنين من لُحْمَةِ نسب أو وُصْلَة (١٠) صِهْر أو سَبَب من أسباب الاتصال؛ فإن الأسباب كلها تنقطع يوم


(١) في (ن): "كمثل عبدٍ لواحد".
(٢) في (ك) و (ق): "أسلم".
(٣) في (ن): "وتوليته".
(٤) في (ق): "مستحق".
(٥) في (ك): "و. . . به" بدل "والتفاته" وسقطت "التفاته" من (ق).
(٦) ما بين المعقوفتين سقط من (ن).
(٧) انظر: "مدارج السالكين" (١/ ٢٤٠)، و"مفتاح دار السعادة" (ص ٤١٠)؛ حيث تفسير ابن القيم -رحمه اللَّه- لهذه الآية.
(٨) بدلها في (ق): "إلى قوله".
(٩) بدلها في (ق): "إلى آخر السورة".
(١٠) في (ك) و (ق): "صِلة".

<<  <  ج: ص:  >  >>