للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كلٌّ منهم: هو ابني، فأقرع علي بينهم، فجعل الولد للقارع (١)، وجعل عليه للرجلين ثلثي الدية، فبَلَغَ النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، فضحك حتى بدت نوَاجِذُه من قضاء علي [-رضي اللَّه عنه-] (٢).

واجتهد سعد بن معاذ في بني قُرَيظة وحكم فيهم باجتهاده، فصوَّبه النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، وقال: "لَقَدْ حَكَمتَ فيهم بحكم اللَّه من فوق سبع سموات" (٣).

واجتهد الصحابيان اللذان خَرَجا في سفر، فحضرت الصلاة وليس معهما ماءٌ فصليا، ثم وجدا الماء في الوقت، فَأعاد أحدُهما ولم يعد الآخر، فصوَّبهما النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، وقال للذي لم يعد: "أصَبْتَ السنةَ، وأجزأتْكَ صلاتك" وقال للآخر: "لك الأجْرُ مرتين" (٤).


(١) "القارع": أصله الذي غلب في المقارعة، وأراد الذي خرجت له القرعة. (د)، ونحوه باختصار في (ط).
(٢) سيأتي تخريجه، وما بين المعقوفتين سقط من (ق).
(٣) رواه البخاري (٣٠٤٣) في (الجهاد): باب إذا نزل العدو على حكم رجل، و (٣٨٠٤) في (مناقب الأنصار): باب مناقب سعد بن معاذ -رضي اللَّه عنه-، و (٤١٢١) في (المغازي): باب مرجع النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- من الأحزاب، و (٦٢٦٢) في (الاستئذان): باب قول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "قوموا إلى سيدكم"، ومسلم (١٧٦٨) في (الجهاد): باب جواز قتال من نقض العهد، من حديث أبي سعيد الخدري.
قال (و): "الذي يوازن بين حكم سعد وبين ما في (الإصحاح المتمم العشرين) من (سفر التثنية) أحد أسفار اليهود، أو العهد القديم، أو كما يقولون: التوراة، يجد حكم سعد مطابقًا كل المطابقة له، أفكان سعد -رضي اللَّه عنه- على بينة منه؟ يجوز؛ فقد كان -رضي اللَّه عنه- يعلم شرعتهم في الحرب، فحكم بنفس ما كانوا يدينون ويحكمون به في شرعتهم، وتصويب الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- لسعد في حكمه يدل على أن ذلك كان حكم اللَّه في شريعة بني إسرائيل، فلتراجع من أول الفقرة (١٠ إلى الفقرة ٢٠) من الاصحاح المتمم العشرين) من سفر التثنية، ولقد أشرت إلى هذا في تعليقاتي على "الروض الأنف" الذي أخرجته دار الكتب الحديثة" اهـ.
قلت: والكلام المشار إليه في التوراة -آنفًا- هو في كتابهم "الكتاب المقدس" (ص ٢١٥ - ط: المطبعة الأميركانية في بيروت سنة ١٩١٣)، ونصه الآتي: "حين تقترب من مدينة كي تحاربها فاستدعها إلى الصلح، فإن أجابتك إلى الصلح، وفتحت لك؛ فكل الشعب الموجود فيها يكون لك للتسخير ويُستعبد لك، إن لم تسالمك، بل عملت معك حربًا؛ فحاصرها، وإذا دفعها الرب إلهك إلى يدك؛ فاضرب جميع ذكورها بحد السيف، وأما النساء والأطفال والبهائم وكل ما في المدينة كل غنيمتها؛ فتغتنمها لنفسك، وتأكل غنيمة أعدائك التي أعطاك الرب إلهك، هكذا نفعل بجميع المدن البعيدة منك جدًّا، التي ليست من مدن هؤلاء الأمم هنا".
(٤) رواه الدارمي (١/ ١٩٠)، وأبو داود (٣٣٨) في (الطهارة): باب في المتيمم يجد الماء =

<<  <  ج: ص:  >  >>