للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأصحابُ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أعلمُ بالوحي منكم، وعليهم نزلَ (١) القرآنُ، أبلِّغُكم عنهم وأبلغهم عنكم، فما الذي نقمتم؟ فقال بعضهم: إنّ قريشًا قوم خَصِمون قال اللَّه [عز وجل] (٢): {بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ} [الزخرف: ٥٨]، فقال بعضهم: كلموه، فانتحى لي رجلان منهم أو ثلاثة، فقالوا: إنْ شئتَ تكلَّمتَ، وإنْ شئتَ تكلَّمنا، فقلتُ: بل تكلَّموا، فقالوا: ثلاث نقمناهن عليه، جعل الحكم إلى الرجال، وقال اللَّه [عز وجل] (٢): {إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ} [الأنعام: ٥٧]، فقلت: قد جعلَ اللَّه الحكمَ من أمره إلى الرجال في رُبع درهم في الأرنب، وفي المرأة وزوجها: {فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا} [النساء: ٣٥]، أفخرجتُ من هذه؟ قالوا: نعم، قالوا: وأُخرى مَحَا نَفْسَه أن يكون أمير المؤمنين، فإن لم يكن أميرَ المؤمنين فأمير الكافرين هو؟ فقلت لهم: أرأيتم إن قرأتُ [من] (٢) كتاب اللَّه عليكم وجئتكم به من سنة رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أترجعون؟ قالوا: نعم، قلتُ: قد سمعتُم أو أُراه قد بَلَغكم، أنه لما كان يوم الحديبية جاء سهيل بن عمرو إلى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقال النبي (٣) -صلى اللَّه عليه وسلم- لعلي: أكتبْ هذا ما صالح عليه محمد رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-؛ فقالوا: لو نعلم أنك رسولُ اللَّه لم نقاتلك، فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- لعلي: "امحُ يا علي"، أفخرجتُ من هذه؟ قالوا: نعم، قال: وأما قولُكم: قَتَلَ ولم يَسْب ولم يغنم، أفَتَسْبُون أُمَّكم وتَسْتحلُّون منها ما تستحلُّون من غيرها؟ فإن قلتم: نعم فقد كفرتم بكتاب اللَّه، وخرجتم من الإسلام، فأنتم بين ضلالتين، وكلَّما جئتُهم بشيء من ذلك أقول: أفخَرجتُ منها؟ فيقولون: نعم، قال: فرجع منهم ألفان وبقي ستةُ آلاف (٤)، وله طرق عن ابن عباس، وقياسُه المذكور من أحسن القياس وأوضحه.

وقد أنكر ابنَ عباس على زيد [بن ثابت مخالفته للقياس في مسألة الجد


(١) في (ك): "أُنزل".
(٢) ما بين المعقوفتين سقط من (ق).
(٣) في (ق): "رسول اللَّه".
(٤) أخرجه هكذا مطولًا: عبد الرزاق في "المصنف" (١٨٦٧٨)، وأحمد في "المسند" (١/ ٣٤٢)، ويعقوب بن سفيان في "المعرفة والتاريخ" (١/ ٥٢٢)، والطبراني في "المعجم الكبير" (١٠٥٩٨)، والحاكم في "المستدرك" (٢/ ١٥٠) من طرق عن عكرمة بن عمار، وصححه الحاكم على شرط مسلم، ووافقه الذهبي، قال الهيثمي في "المجمع" (٦/ ٢٤١): "ورجالهما (أي: أحمد والطبراني) رجال الصحيح"، ووقع عند عبد الرزاق والطبراني أن عددهم كان أربعة وعشرين ألفًا رجع منهم بعد المناظرة عشرون ألفًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>