للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} [المائدة: ٤٧]، وقال تعالى: {اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ} [الأعراف: ٣]، وقال تعالى: {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ} [النحل: ٨٩]، وقال: {أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ [إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ]} (١) [العنكبوت: ٥١]، وقال: {قُلْ إِنْ ضَلَلْتُ فَإِنَّمَا أَضِلُّ عَلَى نَفْسِي وَإِنِ اهْتَدَيْتُ فَبِمَا يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي} [سبأ: ٥٠]، فلو كان القياسُ هُدًى لم ينحصر الهُدى في الوحي، وقال: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [النساء: ٦٥]، فنفى الإيمان حتى يوجد تحكيمه وحده (٢)، وهو تحكيمه في حال حياته، وتحكيم سنته فقط بعد وفاته، وقال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} [الحجرات: ١] أي: لا تقولوا حتى يقول.

قال نُفَاةُ القياس: والإخبار عنه بأنه حَرَّمَ ما سكت عنه أو أوجبه قياسًا على ما تكلم بتحريمه أو إيجابه تقدُّم بين يديه؛ فإنه إذا قال: "حَرَّمْتُ عليكم الربا في البر" فقلنا: ونحن نقيس على قولك البلوط (٣)، فهذا مَحْضُ التَّقدُّم.

قالوا: وقد حَرَّم سبحانه أن نقول عليه ما لا نعلم، فإذا فعلنا ذلك فقد واقعنا (٤) هذا المحرم يقينًا، فإنَّا غير عالمين بأنه أراد من تحريم الربا في الذهب والفضة، تحريمه في القَدِيد من اللحوم، وهذا قَفْوٌ منا ما ليس لنا به علم، وتعدٍّ لما حَدَّ لنا، {وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ} [الطلاق: ١]، والواجب أن نقف عند حدوده، ولا نتجاوزها ولا نُقصِّر بها.

ولا يقال: فإبطالُ (٥) القياس وتحريمه والنهي عنه تقدُّمٌ بين يديّ اللَّه ورسوله، وتحريم ما (٦) لم ينص على تحريمه، [و] (١) قَفْوٌ منكم ما ليس لكم به علم؛ قالوا: لأنا نقول: اللَّه سبحانه [وتعالى] (١) أخرجنا من بطون أمهاتنا لا نعلم شيئًا، وأنزل علينا كتابه، وأرسل إلينا رسوله (٧) يعلِّمنا الكتاب والحكمة، فما عَلَّمناه وبيّنه لنا فهو من الدين، وما لم يُعَلِّمناه ولا بَيَّنَ لنا أنه من الدين فليس من


(١) ما بين المعقوفتين سقط من (ق).
(٢) في (ق): "حتى يؤخذ بحكمه وحده".
(٣) قال في هامش (ق): "شجر يُتغذى بثمره"، ووقع في (ق): "فهذا محض تقدم".
(٤) في (ن): "وافقنا" والعبارة في (ق): "وإذا فعلنا هذا فقد واقعنا".
(٥) في (ق): "إبطال".
(٦) في المطبوع: "لما".
(٧) في (ق): "رسوله -صلى اللَّه عليه وسلم-".

<<  <  ج: ص:  >  >>